إن جريمة فرنسا الجديدة هي جريمة الضمير الغربي كله ففرنسا لا ترتكب جرائمها إلا وهي مسنودة الظهر بالعسكر الغربي. لا ترتكبها إلا وهي تستند إلى إنجلترا إلى وأمريكا.
إن الضمير الغربي كله، بكل ما فيه من وحشية عميقة الجذور.، ليتمثل بوضوح في تلك الجريمة. إنها جريمة الديمقراطية، جريمة (العالم الحر). جريمة الحضارة التي يدعونا العبيد الكثيرون المنتشرون في مصر والشرق الغربي، من قادة الفكر أن نترك عقائدنا وتقاليدنا وتاريخنا وأمجادنا، لتلهث وراءها، كيما نرتقي ونتحضر، ونلحق بركب العالم المتحضر! العالم الذي يقتل الزعماء الوطنيين غيلة وغدرا، ويمثل بجثثهم في نذالة وخسة!
إن هذا الضمير الذي أوحى لفرنسا بأن تقتل الزعيم التونسي وتمثل بجثته، لهو ذات الضمير الذي أوحى إلى الإنجليز أن تلقي بالجرحى من الفدائيين في القتال، إلى الكلاب المتوحشة لتنهشهم وهم بعد أحياء، لا يملكون دفعها عن أجسادهم لأنهم جرحى.
وهو ذاته الضمير الذي شاهدته بعيني في أمريكا. والبيض يتجمعون على شاب زنجي بمفرده، ليضربوه ويركلوه ويدهسوه بكعوب نعالهم حتى يخلطوا عظمه بلحمه، في الطريق العام، والبوليس لا يحضر أبدا إلا بعد إتمام الجريمة وتفرق الجماهير المتوحشة الهائجة كوحوش الغابة.
إنه هو هو ضمير العالم المتحضر. العالم الذي تسبح بحمده أقلام خائنة، وألسنة خادعة. ومن بين هذه الأقلام أقلام قادة الفكر، ونحن ببلاهة منقطعة النظير نصفق للخونة ونهتف للخادعين، ونرفعهم مكانا عليا. . ونهيئ لهم المناصب والمراكز التي يتمكنون بها من تنفيذ جريمة الخداع والخيانة!
ولدينا في مصر والشرق من عبيد فرنسا من يقولون لنا: لا تكتبوا هكذا، لئلا نخسر صداقة فرنسا. ونحن - كمصريين - لا بد أن نلاحظ مصالحنا القومية، وألا نندفع مع حماسة العاطفة!
إلى هؤلاء العبيد أوجه سؤالي: متى كانت فرنسا صديقتنا؟ متى وقفت في صفنا مرة واحدة في التاريخ كله؟ وفي أي مظهر من المظاهر تمثلت لنا صداقة فرنسا؟
فرنسا هي التي قادت الحملات الصليبية على الشرق العربي منذ تسعة قرون، وكانت