واشتغل بعض الوقت بالتعليم. وتولى منصب المفتش الأول للغة العربية. وكان أستاذا للعربية بجامعة أكسفورد. وعين مراقبا عاما للتعليم الأولى وأدخل عليه إصلاحات كثيرة، ووضع أساس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وأعاد إصلاح كلية صلاح الدين بالقدس الشريف وعهد إليه بإدارتها.
وأسهم في جميع التبرعات وإرسال الأسلحة وتهريب القواد الأتراك إلى طرابلس لمقاومة الغزو الإيطالي. وحين أعدت قوة من الجيش التركي في سنة ١٩١٥ لتخليص مصر من الاحتلال الإنجليزي اشترك فيها.
وإذا ضاقت به مصر خرج إلى تركية أو ألمانية أو سويسرا وأصدر مجلة (العالم الإسلامي) الوطنية في تركية. وأصدر مجلة في سويسرا ومجلة في ألمانيا.
من هذا ترى أن الرجل كان شعلة من النشاط الدافق. وكان نشاطه منوعا فحينا يكتب في الصحف. وحينا يصدر المجلات بلغات مختلفة. وحينا يجمع التبرعات ويسهم في تحرير الوطن الإسلامي من الغزو الأجنبي. وحينا يصلح برامج التعليم ويشرف على بعض فروعه ونواحيه. وحينا يكتب محررا وطنه صابا لعناته على المستعمرين وأعوانهم. وحينا يكتب مدافعا عن الإسلام شارحا دعوته مبددا للشبهات التي يثيرها أعداؤه. وهو حينا في مصر. وحينا آخر في تركية أو ألمانية أو سويسرا أو إنجلترا وكان يوجه كل هذا النشاط إلى الخير، لا يألوا في ذلك جهدا، ولا يرى بابا إلا طرقه، غير طامع في منصب أو مال أو جاه.
وفي الحق أن الأستاذ عبد العزيز جاويش كان من الأبطال المجاهدين، الذين أخلصوا لله وللوطن من غير أن يعلنوا عن أنفسهم وجهادهم، ومن غير أن يطلبوا على ما فعلوا أجرا ولا جزاء، حتى تخطاهم إلى الظفر والفوز كل مهرج دعي أفاق.
وكتاب (الإسلام دين الفطرة والحرية) الذي ألفه الأستاذ عبد العزيز جاويش يتفق وطبيعة مؤلفه المكافحة. فالمؤلف لم يرض بالذل ولا بالاستعمار ولا بالخنوع، ولم يرض بالقيود التي تعوق الإنسان عن أداء رسالته التي تؤهله لها فطرته، فهب مناديا بالتحرر من الاستعمار والجهل والطواغيت. والكتاب كذلك لم يرض بالظلم الواقع على الإسلام، ولا