للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالدعاوى الفارغة التي يتهم بها زورا، ولا بالتقليد الذي حد من قدرة المسلمين وجعلهم آلات من غير وعي ولا إدراك، فكان هو الآخر صوتا ناطقا بما للإسلام من حق مجحود، وبما له من ميزات سامية تحمل الناس في رفق على العدل والإنصاف والحرية والكرامة.

ولكي نفهم قيمة هذا الكتاب، وهو كتاب قيم لا مراء، يجب أن نعرف أن الفترة التي كتب فيها هي الفترة التي كان الاستعمار يطرق بمطرقته الآثمة كل معاقل الحرية والأمان والنور في مصر. كان يحاول أن يشككنا في قدرتنا، وفي اقتصادياتنا، وفي علمنا، وفي ديننا، وفي معنوياتنا التي نستند إليها في الظروف العصيبة والمحن الملمة. وكان هذا، ليخلو له وجه البلد، فيصنع ما يشاء، ويوجهه إلى حيث يريد. وكان يتابعه في ذلك كثير من أبناء الوطن من المسلمين وغيرهم. وكان هو يعتمد على هؤلاء المشايعين له في تحقيق أغراضه وإذلال البلاد وإهانتها، ممثلا ذلك في زعمائها الأحرار، ودينها، وأخلاقها، ومواردها كلها. وفي ذلك الحين شن المستعمرون والمبشرون والمقلدون من المسلمين على الإسلام حربا واسعة. واتهموه بكثير من الاتهامات الباطلة، فألقوا في قلوب المسلمين وعقولهم أن الإسلام لم يعد يصلح أساسا لحياة أمة حرية بالتقدير والاحترام. ولم يكن المسلمون الأكفاء ليرضيهم هذا التجديف فوقفوا له واعترضوا طريقه. وقفوا في وجه الاستعمار، وفي وجه المبشرين، وفي وجه المقلدين من أبناء الإسلام، وفي وجه الجهل بشؤون الدين وشؤون الحياة العامة.

قيل إن الإسلام انتشر بالسيف ولم ينتشر بالحجة والاقتناع، وقيل إن الإسلام أباح للمسلم أن يعمد إلى الطلاق ليتخلص من زوجته دون قيد ولا شرط. وقيل إن الإسلام رضى عن الرق وأباحه. وقيل إن نبي الإسلام لم يكن إنسانا سويا حين تزوج كثيرا من النساء، وحين تزوج امرأة زيد بعد طلاقها. وهذه كلها موضوعات دار حولها البحث، وعرضها كتاب (الإسلام دين الفطرة والحرية) عرضا مفيدا، وأبان عن وجهة الإسلام في هذا كله، وأظهر الناس على حقائق الأمور فيما يتعلق بعدا الإسلام وأنصافه وحكمته ومراعاته صالح الأفراد والجماعات في كل قوانينه وأصوله، فلم يكن دينا إباحيا ولا ظالما ولا قاهر بالسيف ولا غابنا الإنسان حقه وحريته.

وإذا كان للصليبين والاستعماريين عذر فيما يدعون، فإنه لا عذر للمسلمين الذين طمس الجهل والغرور على عيونهم وبصائرهم، والذين يجرون وراء الأوربيين متابعين لهم فيما

<<  <  ج:
ص:  >  >>