للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العربي الشهيد (عبد القادر الحسيني) في معركة القسطل في الحرب الفلسطينية الأخيرة إذ يقول منها في وصف سقوط (الحسيني) مضرجا بدمائه على الرمال الدكناء، فيمثله أروع تمثيل ويقدم للقارئ بذلك صورة مجلوة المعاني زاخرة بالعواطف تدل على تمكن الشاعر من دقة التعبير، قال في المقطع الرابع:

من ترى ذلك المطل؟ أفجر، أم شهاب على أديم صاح

يتملى الأجيال ملحمة حمراء كالنور في الضحى. . . الوضاح

حملته عرائس الوحي للنجم شهيدا على أعف جناح

بعده، بعده، ترنحت الأرض وضجت حناجر، في الساح

تزفر الرعد فالجوانب أصداء تخطت. . . على أنين الجراح

كوثوب الأمواج، والبحر داو صفعت جبهة الخطوب الطلاح

تنحر البغي فالرنين المدمي. كالأعاصير هائج في النواحي

يا شهيداً على الرمال تسجى. . . أدمعت بعده جفون الكفاح

يا شهيداً كأنه الشفق المخضوب ينساب في أصيل الجراح

يا شهيداً نأى وخلف للثوار جرحا في مأتم الأرواح

مأتم الذكريات والفارس المعلم في السوح كالضياء الصراح

كانفلاق الشروق. كاللهب الثائر. كالجمر. كالدم النضاح

صبغ الأفق بالسناء وبالوهج ودمي هياكل الأشباح

فإذا الليل في جوائله السود عروس تؤج كالمصباح

تنثر الضوء يابسا فعليها. . . جمدت دمعة العلي المستباح

هذا هو المقطع الرائع من القصيدة الدامية التي خرجت من القلب وكتبها العقل وسجلتها للخلود العاطفة، نعم هذا مقطع من تلك القصيدة التي أحدثت ضجة كبرى في ميدان الأدب العراقي عندما نشرها الأستاذ (كاظم) في جريدة اليقظة البغدادية وقد عدها بعضهم بأنها الوسام الخالد الذي علقه الشاعر على صور البطل (الحسيني).

في هذه القصيدة بالذات لمس (القارئ الكريم) انبعاثات روحية علوية وانطلاقات شعورية وصورا رفيعة النفس عميقة لفكرة صورت في روح متألمة حزينة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>