(اعزفي يا رياح).
مات ضوء النهار وأحلو لك الأفق المدمي بحشرجات ذكاء
شرق الليل بالجراح وغصت ربوات (للقنال) بالشهداء
ومجاري الدماء أذكى محانيها عناق الأشلاء للأشلاء
فإذا (النيل) والضحايا حواليه صلاة مسحورة الأصداء
إلى أن يقول:
اعزفي يا رياح ما أحقر العمر إذا آلا غمغمات رثاء
اعزفي فالظلام ولي ولكن أين فجر البطولة السمحاء
أين قيثارة الحياة يموج الوعي فيها مزمجر الأصداء
أين من ومأة الصباح أراجيز كفاح صخابة الأجواء
فوراء المدى، وإن زحف الفجر بقايا غمامة دكناء
ها لها، ها لها، شموخ أمانينا على كل ذروة شماء
فعدت بغيها الأثيم فيا مصر أخرسيها (بوحدة وجلاء)
وإليك في قصيدتي (المصري الجديد):
طلعت على دجى الطاغي صبوحا ... يبارك فجرك الوطن الجريحا
دعاك لمجده فنهضت تعلو ... كفرخ النسر تحتقر السفوحا
وفي شفتيك تصطخب الأغاني ... يجن إلى الكفاح هوى جموحا
نداء ما وعاه النيل حتى ... كساه الموج من لهب مسوحا
إلى أن يقول:
إذا (السودان) كان لمصر روحا ... فقد كانت له مذ كان روحا
قرأت ما أنشدني (الجواد) مرة وأخرى ثم قرأت ما سجل في ديوانه في باب الوطنيات فوجدتني أمام شاعر يتدفق وطنية تهزه الأعمال الخوالد في ميدان الكفاح فينشد وينشد حتى يكل منه النفس، هذا الشاعر الشاب سبق عصره كثيرا، فقدم للعالم العربي قصائد في الوطنية والوجدان ما لم يقدمه شاعر في هذه الأيام! لنقرأ للقارئ الكريم هذا المقطع الرائع من ملحمته الكبرى التي تقع في ألف بيت من الشعر وهو يصف فيها مصرع البطل