للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مذهبي حقبة طويلة من الزمن بحيث أصبحت مجموعاتها مرجعا لا غنى عنه لكل من يدرس الأدب الإيطالي الحديث

ولم تتخلف عن أعمال كروتشه وكتاباته نتيجتها الطبيعية فذاع صيته في الأوساط الأدبية والعلمية. ولم يلبث هذا الشاب الذي غادر جامعة روما قبل أن يتم دراسته أن أصبح قبلة أنظار جامعات إيطاليا التي تسابقت إلى عرض الأستاذية عليه! غير أنه رفضها جميعا مفضلا الاستغراق في دراساته الحرة وبحثه المستقل الذي ينشر على الناس نتائجه في كتبه وفي رسائله فتقع من أذهانهم ونفوسهم موقع الإكبار حينا وموقع الإنكار حينا آخر لغرابة ما كان يدلي به من آراء.

ولئن تسابقت الجامعات الإيطالية لتظفر بكروتشه أستاذا بها فإن الجامعات الأجنبية قد تسابقت إلى تكريمه بإسباغ ألقاب الشرف العلمية عليه، وأول ما ناله من ذلك لقب دكتور فخري في الفلسفة من جامعة فريبورج الألمانية.

على أن كروتشه لم يعدم نصيبه من المناصب العامة في بلده إذ عين في سنة ١٩١٠ عضوا بمجلس الشيوخ ثم عين وزيرا للمعارف في وزارة جيوليتي فيما بين سنتي ١٩٢٠، ١٩٢١. فلما جاء العهد الفاشستي ابتعد كروتشه عن الحياة العامة لعدم توافق آرائه واتجاهات ذلك العهد وما كان يقوم عليه من فلسفة سياسة.

ولقد أثمر تفرغ فيلسوفنا للبحث والدرس والتأليف ثمارا طيبة؛ إذ بلغت مجموعة آثاره المطبوعة سنة ١٩٢٦ عشرين مجلدا عدا ما كتبه بعد ذلك التاريخ وهو شيء كثير؛ إذ أنه لم ينقطع عن الدراسة والكتابة إلى أن أدركته الوفاة.

وكان كثير من آراء كروتشه الجريئة وأفكاره المبتكرة صدى بعيد وآثار بعضها حملة من الانتقاد والهجوم صمد لها كروتشه ودخل مع معارضيه في مجالات طويلة تولاها بجنان قوي ويراع سوى.

وقد اعتبر كروتشه عند الكثيرين من أتباع هيجل ووصفت فلسفته بأنها (هيجلية)؛ غير أن أغلب الباحثين اليوم - ومنهم الأستاذ جون ألكسندر سميث أستاذ الفلسفة بجامعة أكسفورد - يخطئون هذا الرأي ويعتبرون كروتشه صاحب فلسفة خاصة تأثر فيها بكتابات اثنين من مواطنيه هما دي سانكيتس، وفيكو من كتاب القرن الثامن عشر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>