ولا شك أن الدولة مسئولة عن الأدب كمسئوليتها عن التعليم والثقافة أو كجزء من التعليم والثقافة، ولذلك فإن لهذه المجلات الأدبية وهؤلاء الأدباء الحق في حياة كريمة، ولن يتاح لهم ذلك إلا إذا قامت الدولة برعاية الأدب، وإنشاء رابطة جديدة بين الكاتب والناشر من ناحية، وبين الأديب وفنه من ناحية أخرى. . تكون بعيدة عن كل عوامل الاستغلال. فالأديب يجب أن يخلص للأدب ويتجرد له، ولذلك فهو يحب أن يطمئن على معيشته وحياته أولا. فإذا توافر له هذا استطاع أن ينتج وأن يصل إلى حد بعيد في الإجادة وبذلك يكسب الأدب كثيرا.
والأديب مضطر إذا هو التجأ إلى الصحافة أو إلى التدريس أو إلى الوظيفة ليعيش منها، ثم يخلص بعض وقته للأدب. . .
نحن لا نطالب برعاية الدولة على الأساليب المعروفة بأن تشرف الدولة على الأدب أو تفرض سلطانها عليه أو تجعله مصلحة من مصالحها أو مرفقا من مرافقها. . وإنما نحب أن تبذل له المال حتى ينمو وحتى يقوى.
إن البلاد العربية الآن تواجه نهضة قوية في الاجتماع والاقتصاد والسياسة. . وبقى أن تواجه مثل هذه النهضة في ميدان الفكر والأدب والفن الرفيع.
. . إن الذين يعملون في ميدان السينما أو المسرح أو غيرهما من ألوان التسلية يعيشون في مستوى مادي رفيع، على عكس الذين يعملون في ميدان الأدب والفكر.
ويكفي أن تبقى هذه الكلمة القاسية (إن الأدب ليس موردا للرزق في مصر ولا يمكن الاعتماد عليه وحده) لتصور الحكمة البائدة (أدركته حرفة الأدب). . .
وبينما الصحافة تقفز قفزات واسعة، ويصل أصحابها والقائمون عليها والمشتغلون بها إلى كل مكان مرموق. . يظل الأدباء في المؤخرة. ويعيشون على فتات موائد الصحافة أو موائد المسرح والسينما.
أسوق هذا بمناسبة زيارة الأديبين السوريين إلى مصر، وأطالب الأدباء بعقد دورة سنوية لمؤتمر أدبي وفكري عام لبحث هذه المسائل ودراستها أشبه بمؤتمر البندقية.
مجلة مجمع فؤاد الأول للغة العربية
ومن الأمثلة القاسية على ضعف الروح الأدبية (مجلة) مجمع فؤاد الأول للغة العربية فقد