للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان من المدعوين رجل آخر استرعى انتباهي، ولكنه من نوع غير هذا النوع، فإن مجرد النظر إليه يدل على أنه صاحب شخصية وكانوا يدعونه جوليان ماستا كوفتش.

وكانت النظرة الأولى إليه تدل على أنه موضع الحفاوة والتكريم، وأن مركز صاحب المنزل منه كمركز صاحب الشاربين الطويلين من صاحب المنزل. فقد كاد لا ينقطع سيل الفكاهات والطرائف التي يتحدث بها إليه صاحب المنزل وزوجه. وهما كثيرا الالتفات إليه، يدنوان منه ويحومان حوله ويستجمعان الضيوف لتقديمهم إليه. ولكنهما لا يقودانه ليقدماه إلى أي إنسان. وقد رأيت الدموع تترقرق في عيني صاحب المنزل وفي عيني زوجه لما قال جوليان ماستا كوفتش إنه قلما قضى ليلة سارة كهذه الليلة. وقد أخذت بعد انتهاء الحفلة أشعر بالسأم من هذا الضيف فانصرفت إلى الأطفال أتسلى في ملاحظاتهم، وكان خمسة منهم يستحقون النظر والملاحظة، فهم شهادة بعناية أمهاتهم بهم. ثم تركت الغرفة بعد ذلك إلى الغرفة المجاورة ولم يكن فيها أحد، فجلست في طرفها المجاور للمكان الزجاجي المعد لحفظ الأزهار في غير فصولها.

وكنت لا أزال من مكاني هذا أراقب الأطفال، والحق أن رؤيتهم تسحر.

لقد كانوا يأبون محاكاة من أهم أكبر منهم على الرغم من الجهود التي كانت تبذلها أمهاتكم ومربياتهم، ولم تمض ساعة حتى نجنح هؤلاء الأطفال في تجريد شجرة عيد الميلاد من أوراقها وأعوادها وفي كسر أكثر من نصف اللعب المعلقة فيها قبل أن يقتسموها بينهم.

وكان أحد هؤلاء الأطفال فتان الحسن أسود العينين مجعد الشعر، وقد أصر في عناد على تصويب بندقيته نحوي. وقد استرعى نظري كثيرا؛ ولكن أخته استرعت نظري أكثر مما استرعاه. وهي في عامها الحادي عشر، ولا يقل جمالها عن جمال كيوبيد، وتبدو علائم الهدوء والتفكير. وعلى عينيها الواسعتين وسم الأحلام، وقد أغضبها الأطفال لأمر ما فتركتهم وانسحبت إلى الغرفة التي كن جالسا فيها فجلست في ركن منها وفي يدها الدمية تلاعبها.

وكان كل من الضيوف يحدث جاره بأن أباها من أغنى التجار وبأنه منذ الآن قد أعد لها صداقا قدرها ٣٠٠ ألف روبل.

ولما التفت إلى الجماعة الذين سمعتهم يتحدثون بهذا وقع نظري على جوليان ماستا كوفتش

<<  <  ج:
ص:  >  >>