للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوجدته واقفا ينصت إليهم ويداه مشتبكتان خلف ظهره، ورأسه مائل إلى الجانبين، وكنت طول هذا الوقت أعجب من الذكاء الذي أبداه صاحب المنزل في توزيع الهبات على الأطفال، فالطفلة التي أعد لها أبوها مهرا كبيرا تهدي أحسن لعبة، وسائر اللعب تقسم وفق مراكز الآباء في الحياة الاجتماعية.

وكان أخر طفل دعي لتقدم إليه هدية يبلغ من العمر عشرة أعوام، وهو هزيل أحمر الشعر ضعيف البنية. وكانت هديته كتاب قصص ليس فيه صور ولا رسوم. وهو ابن المربية، وهي أرملة مسكينة. وشكل الطفل دال على الحزن، وعليه كساء رث، فتناول كتابه وانساب في بطئ بين الأطفال حاملي اللعب.

وقد كان يود أن يبذل أي شيء ليلعب معهم ولكن كيف وليست له لعبة؟

إنني من الذين يحبون أن يراقبوا الأطفال ليروا كيف تناضل أرواحهم روح الجماعة.

وقد لاحظت أن لعب الأطفال كانت سحرا وفتنة في نظر الطفل الأحمر الشعر. وشرع الأطفال يلعبون فأصر على أن يلاعبهم وعلى أن يناضل لو منعوه؛ فابتسم وسار نحو واحد منهم فأقامه من مكانه وجلس بدله لأن الأطفال كانوا قد جلسوا في دائرة ولم يتركوا له مكانا.

ولكن ذلك الطفل حمل عليه فلطمه لطمة قوية، فلم يلبث أحمر الشعر أن رفع صوته بالبكاء، وجاءت أمه فنهته عن اللعب معهم فأنسحب نحو الغرفة التي كنت جالسا بها مع الفتاة التي تقدم ذكرها. وتركته الفتاة يجلس بجانبها واشتركا في إلباس الدمية ثوبها.

ومضى نحو نصف ساعة، وكاد النعاس يدركني وأنا جالس أنصت حينا إلى حديث الطفل أحمر الشعر ويشرد ذهني حينا. وعلى حين فجأة دخل جوليان ماستا كوفتش وكان قد انسحب من غرفة الجلوس التي أنا فيها عندما اشتد ضجيج الأطفال. ولم يغب عني وأنا جالس أراقبه من الركن الذي أتى فيه أنه كان في الفترة الأخيرة من الوقت يتحادث مع والدة الطفلة الجالسة معي في الغرفة.

وظل واقفا بعد الحديث يفكر وكأنه يعد على أصابعه - ثلاثمائة - أحد عشر - إثنا عشر عاما - خمسة أعوام - سعر أربعة في المائة - خمسة أضعاف، ستون وأربعمائة.

ويظهر أن هذا الخبيث يعجبه الحساب على سعر أربعة في المائة، ثم أعاده على حساب

<<  <  ج:
ص:  >  >>