وخرج من الغرفة فأطال النظر إلى الطفلة. وقد تخطاني نظره فلم يرني؛ ويظهر أن الحساب هو الذي أغفله عني، ثم مسح يديه وأخذ يتنقل من مكان إلى مكان وهو لا يزال يزداد اضطرابا.
وأخيرا تمكن من ضبط عواطفه وألقي نظره على عروس المستقبل وهم أن يتجه نحوها، ثم وقف بمثل حالة المخطئ الذي يؤنبه ضميره وانتصب على أطراف أنامله أمام الفتاة وانحنى يقبلها وهو يبتسم وقد كان إقباله نحوها على غير انتظار حتى أنها صرخت عند تقبيله إياها صرخة فزع.
قال لها بصوت خافت وهو يقرص خدها:(ما الذي تفعلين هنا يا بنية؟ فأجابته: (نحن نلعب) فقال بلهجة المستنكر: (مع من؟ مع هذا؟) وأشار إلى ابن المربية ثم قال له: (يجب أن تذهب إلى الغرفة الأخرى).
وظل الطفل صامتا وهو ينظر محملقا في وجه الرجل، فدار جوليان ماستا كوفتش بنظره في الغرفة ثم أكب على الفتاة وقال:(ماذا معك يا عزيزتي؟ دمية!) فأجابته: (نعم يا سيدي) وقد قطبت حاجبيها وهي تجيب. قال:(دمية؟ من أي شيء تصنع الدمى؟!).
فأحنت رأسها وقالت:(لا أعرف يا سيدي)
قال:(تصنع من الخرق) ثم نظر إلى الطفل وقال: (أذهب أنت إلى الغرفة الأخرى التي فيها الأطفال)
وكانت نظرته إلى الطفل في هذه المرة نظرة قاسية؛ فقطب الطفلان وتشبث كل منهما بالآخر وأبيا أن يفترقا، فقال جوليان وهو يخفض صوته:(وهل تعرفين لماذا أعطوك هذه الدمية؟) فقالت: لا.
قال:(لأنك كنت طيبة - طيبة جدا طول الأسبوع) قال ذلك ثم عراه اضطراب شديد ونظر حوله بصوت خافت يكاد لا يسمع وبلهجة شديدة الدلالة إلى فقدان الصبر: (إذا جئت إلى منزلكم لزيارة أبيك فهل تحيينني يا عزيزتي؟)
وحاول أن يقبلها على أثر هذا السؤال، ولكن الطفل الأحمر الشعر أمسك بيدها كمن يريد أن يحميها وبكى بأعلى صوته كالمستجير فأثارت حركته هذه غضب الرجل وصاح: