لمصر كلمتهم وهم يسيرون إلى الأمام محددين لها معالم الطريق: أنه مرهق ما لم يستعن عليه بالصبر، أنه طويل ما لم تختصر إليه رحلة العمر، أنه مظلم ما لم تضيء جوانبه شعلة الإيمان! قالوها ومضوا في طريقهم إلى لقاء الله. . وقبل أن يلحق بهم أحمد عصمت كان قد أضاف إلى الدروس دروسا، وإلى الكلمات كلمات:(فإن مت فأعلن إلى كل مصري أني شاب متزوج ولي ثلاث أطفال ولي أمي وأخواتي، ومع هذا فقد ضحيت بنفسي ليعيشوا هم أحرارا في بلدهم، فالحرية لا تمنح ولكنها تؤخذ بأعز التضحيات). . إن أحمد عصمت يوجه الخطاب هنا إلى كل من له أم يشفق عليها من الثكل، وكل من له ابن يخشى عليه من اليتم، وكل من له شريكة حياة يجزع من أن يتركها وحيدة في الحياة؛ وهذا هو دستور الكرام وإن شئت فقل أنها شريعة الأحرار!!
هناك، على ضفاف القنال، في تلك البقعة المجاهدة، سالت على رمال الصحراء دماء الأبطال. . ماتوا، ولكنهم أثبتوا للدنيا أننا أحياء! توقفوا، ولكنهم أقنعوا العالم بأننا نسير! سكتوا، ولكنهم أسمعوا الزمن صوت الأباة!
إن التاريخ يجب أن ينحني لهم في خشوع؛ يجب أن يفرد لهم من صفحاته أبرز مكان؛ يجب أن يقدمهم إلى عصوره المقبلة على أنهم كانوا صورة ضمها أجمل إطار!!