على أن وضع الدين في المنهج المدرسي ذلك الوضع غير اللائق كفيل بأن يصرف عنه الاهتمام والعناية، فجعل الدين مادة ليس فيها امتحان يجعلها عبثا على أكتاف التلاميذ يعوقهم عن النهوض بواجباتهم المدرسية التي ينتظرهم فيها نجاح أو رسوب. ولقد كان من الممكن الاستغناء عن الامتحان في الدين لو قومت طريقته وعدلت بحيث نضمن منها فائدة منها للتلاميذ، أما والحالة هذه فلا بد من الامتحان وإن كان لا يكفي لإفادة التلاميذ الفائدة المرجوة من دروس الدين، ولكنها فائدة على أي حال، ولعل الوزارة قد تنبهت إلى ذلك في هذا العام.
بقي أنني لست أومن بالدراسة النظرية، وإنما الذي أومن به الإيمان كله أن تكون الدراسة عملية ولا تأتي الناحية النظرية إلا كالشاهد أو الدليل، وما دامت المدرسة تخرج للمجتمع، فلماذا لا تكون المدرسة صورة من المجتمع؟ لماذا لا تكون المدرسة نموذجا من المجتمع في جميع نواحيه خيره وشره؟ نستطيع أن نهيئ في المدرسة الجو الذي تنزلق فيه الضمائر والذمم وتستشري فيه الغرائز، ونخلق من ذلك فرصة للتهذيب والتقويم وتعديل هذه الغرائز حتى تخرج المدرسة ذمما نظيفة وضمائر بيضاء ناصعة وغرائز مصقولة مهذبة، فمثلا التغذية في المدرسة نستطيع أن نجعلها بمثابة (وزارة التموين) في المجتمع الخارجي فنمكن التلاميذ من تصريف أمور التغذية في مدارسهم، ثم ننظر ماذا يفعلون، وإنني واثق من أننا سنجد فرصة ذهبية للتربية الروحية العملية الحقة، وسنجد فرصة ذهبية كذلك للكشف عن كثير من الذمم المعتلة والضمائر المريضة، وسنتمكن من علاجها علاجا حاسما حتى تخرج على المجتمع نقية كالثلج. .
كذلك نستطيع أن نكون من التلاميذ مجلسا للقضاء والفصل للنزاع الذي ينشأ بين تلاميذ المدرسة، ويكون له حق فرض العقوبات اللازمة، والغرامات المالية المناسبة وبالإشراف الدقيق نستطيع أن نلاحظ كثير من النزاعات الفطرية الملتوية بين أعضاء هذا المجلس وسنتمكن من تقويمها. . كذلك يمكننا أن نكون من تلاميذ المدرسة هيئة بوليسية للإشراف على المدرسة وتقصي أخلاق زملائهم والإرشاد عن عيوبهم لإصلاحها وتهذيبها؛ إلى غير ذلك من الجمعيات والهيئات التي تتيح فرصا للتربية الروحية وتخلق مناسبات حية لدروس الدين. على أن بالمدرسة الآن جمعيات قائمة مثل جمعيات البر والإحسان وجمعيات