للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المصالح قد أخذت تتزايد بمرور الزمن وتتشابك كثر تدخلها في السياسة العالمية.

ولقد كان الموقع الجغرافي للجزر البريطانية المحور الأساسي لسياسة الإمبراطورية البريطانية الذي يمكن تلخيصه في ضرورة المحافظة على التفوق البحري وعدم السماح لأية قوة أخرى بالتفوق عليها في هذه الناحية! وهي كذلك بموقعها الجغرافي مدينة بانتشار النظام الديمقراطي بين سكانها، فهي بعزلتها البحرية ليست في حاجة إلى قوات عسكرية دائمة لحمايتها، لذلك كانت السلطات الحاكمة تخشى القيام بأي تصرف استبدادي حتى لا تقوم الثورات في وجهها فتعجز عن قمعها وتعرض حكمها للزوال. ولهذا كانت السلطات الحاكمة تتمشى مع رغبات الشعب وقد وصلت بهذه الطريقة إلى ما وصلت إليه من حياة ديمقراطية، ولهذا أيضاً احتفظت بريطانيا بسياسة التطوع في سلك الجندية ولم تحاول إتباع النظام الإجباري للجندية إلا في الحرب العالمية الأولى حين أجبرتها الضرورة على ذلك وبعد أن ألحت عليها فرنسا، حتى إذا انتهت الحرب عادت إلى نظامها القديم ولكنها عادت مرة أخرى إلى فرض الجندية الإجبارية في الحرب العالمية الأخيرة حتى تجابه ما كانت تتطلبه الاستعدادات الحربية.

وكان لا بد أيضاً وقد أصبح المحيط الأطلسي ميدانا للنشاط العالمي أن تسعى الدول وتتنافس فيما بينها لكسب الوقت حتى تروج صناعاتها وتتقدم تجارتها، فأدخلت التحسينات على وسائل المواصلات البحرية وأوجدت أنواعا أخرى وكان على رأس ما اهتدت إليه فن الطيران واختراع الطائرات، فبدأت القيادة الجوية تلعب دورها في التاريخ بعد أن بلغت السيادة البحرية أوج عظمتها في دول غربي أوربا، وكان العالم الجديد ممثلا في الولايات المتحدة الأمريكية خير ميدان لهذه السيادة الجوية التي أثبتت وجودها في الحرب العالمية الثانية كعامل فعال في إحراز النصر. وبفضل ما أنتجته الولايات المتحدة الأمريكية من سلاح جوي واختراع للقنبلة الذرية استطاع الحلفاء إحراز النصر وأن يتنفس الصعداء بعد أن كاد الإجهاد يلحق بجنودهم لطول الكفاح وصمود العدو العنيد المستميت.

هكذا كانت العوامل الجغرافية من توزيع لليابس والماء والحرارة والبرودة ووجود للأنهار والبحار والمحيطات والغلاف الجوي المعز الأول للسيادة العالمية والحوادث التاريخية وفي دراسة أثر هذه العوامل في الإنسان دراسة للتاريخ البشري على حقيقته، ولهذا يحسن بنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>