للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استقام، ويؤمن إذا آمن، ويكفر إذا كفر، وأخيرا يحيا إذا حي، ويموت إذا مات.

وفي سبيل هذا كله فتح الله للإنسان كتاب كونه، وأرشده إلى أبواب ثمانية في أية واحدة من كتاب وحيه، ثم ذيلها بما يوجه أرباب العقول إلى ولوجها واستثمار ما يصلون إليه منها في قوة الإيمان، وتقدم الحياة. واقرأ في ذلك قوله تعالى: (وإلهكم إله واحد، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار، والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، وبث فيها من كل دابة، وتصريف الرياح، والسحابالمسخر بين السماء والأرض، لآيات لقوم يعقلون). ثم قرأ قوله تعالى في تحرير العقل ونعيه الشديد على من أهمل عقله، وحرم نفسه نعمة النظر والتفكير (أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شئ؟) وقوله (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها. أولئك كالأنعام، بل هم أضل، أولئك هم الغافلون) وقوله (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون. قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم؟ قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون، فانتقمنا منهم فأنظر كيف كان عاقبة المكذبين).

ثم أُنظر قوله تعالى في تحرير الإرادة واحترامها (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا). وقوله حكاية عن موقف الأتباع من المتبوعين بعد أن أسلموا إليهم إرادتهم وحريتهم، وعاينوا مسئوليتهم وحسابهم على ذلك (ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم ضعفا من العذاب، قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون). (وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا، كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار).

بتحرير الإسلام عقل الإنسان وإرادته هكذا، كافح أن يستعبد الإنسان فمنع أن يسترقه بالبيع والشراء، وقصر ذلك على أن يكون جزاء لمن حارب دعوة الله ووقف في سبيلها، وقاتل المؤمنين بها، لا شئ سوى أنهم آمنوا بها، ومع ذلك فقد حبب في فك رقابهم وكفر به كثيراً من الأخطاء الدينية، وجعل فك الرقبة، العقبة التي إذا ما اقتحمها الإنسان كان من أصحاب الميمنة (فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة، أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيماً

<<  <  ج:
ص:  >  >>