الهازجة، إلى أن تكون برنامجاً من برامج الإصلاح لحزب سياسي جديد او حزب قديم متجدد، ولكنها ستبلغ هذه الغاية يوماً، فتضيف الأحزاب السياسية إلى برامجها مواد جديدة لم تزل اليوم فصلاً من كتاب أو رواية من قصة أو مقطعا من أغنية.
آمنت بهذه الدعوة منذ كنت، ويؤمن بها معي المئات أو الآلاف من كل ذي رأي وذي بيان؛ وما أرى أحداً غير هؤلاء المئات أو هؤلاء الآلاف حقيقاً بأن يسمى أدبياً، لأن الأدب إن لم يكن توجيهاً فهو ليس إلا ببغاوية خرساء، لها صوت وليس لها صدى. . .
والآن إذ تقررت هذه الحقيقة فإني أدعو إلى الكلمة التي جعلتها عنواناً لهذا المقال، فأسأل عن هذه الثورة التي نعيش في أحداثها المتتابعة منذ ٢٣ يولية الماضي. . . من الذي صنعها؟. . .
قبل مولد الصبح من يوم الأربعاء الثالث بعد العشرين من شهر يوليو، كان بضعة نفر من خيار المصريين على صهواتهم، أو على دباباتهم، يريدون أن يقتحموا حصناً منيعاً من حصون التاريخ. فلم يكد يشرق صباح ذلك اليوم حتى كان كل منهم على باب من أبواب ذلك الحصن يقرعه قرعاً متصلا، فلم تلبث مغاليقه أن تحطمت، فإذا هم وقوف في ساحة الحصن ترفرف على رءوسهم الراية التي لم ترفرف على رأس مصري منذ انهارت مقاومة طومان باي في وجه الغزاة العثمانيين منذ أربعة قرون ونصف قرن؛ وبدأ الزمن من يومئذ يكتب صفحة جديدة في تاريخ مصر، وما زال من يومئذ يكتب كل يوم فصلاً جديداً. . .
كان من صباح الأربعاء الثالث بعد العشرين من يولية الماضي، فهل يكون يوم الأربعاء ذاك، وهو أول تاريخ تلك الثورة، أو مولد تاريخها؟. . .
هذا هو السؤال في صورة أخرى. . .
ولكن المصريين في ذلك اليوم لم يكونوا بمعزل عن تلك الحركة التي كانت هي أول الثورة في عرف المؤرخ الواقعي؛ فقد كان في نفس كل مصري من الملايين العشرين ثورة تضطرم، فما كاد يرتفع هتاف أولئك النفر من خيارهم حتى رجعت صداه تلك الملايين، فإذا هي ثورة شعب كامل لم يتخلف عن موكبها فرد منه. فهل كان أولئك الملايين العشرون شركاء في التدبير وفي رسم الخطة وفي السعي على ذلك الطريق المظلم قبل مشرق