المستوزرة التي تشمرائحة الحكم من عشرات الأميال. . . ولكن حاسة الشعب السليمة ظلت تنفر من الرجل وجماعته على الرغم من انضمام (الشخصيات الكبيرة) لأن الشعب يعرف قيمة هذه الشخصيات ودوافعها!
واليوم يقوم رجل آخر بدور أمين عثمان. يقوم به في محيط آخر وتحت عنوان آخر. وتهرع الشخصيات الكبيرة ذاتها إلى الانضمام إليه. . . وما من شك في أن الأمة بحاستها السليمة ستظل في معزل عن هذه المحاولة الجديدة. . ولكن الاطمئنان إلى حاسة الأمة لا يجوز أن يقعد بالشباب الواعي عن التنبيه إلى هذا الخطر الجديد، وإلى التحذير من وسائله الناعمة وعنوانه البريء.
إن الحرب المقدسة مع الاستعمار اليوم تقتضي تخليص ضمائر الشعوب أولاً من الاستعمار الروحي والفكري، وتحطيم الأجهزة التي تقوم بعملية التخدير، والخدر من كل لسان ومن كل قلم، ومن كل جمعية أو جماعة تهادن معسكراً من معسكرات الاستعمار، التي ترتبط جميعها بمصلحة واحدة، ومبادئ واحدة. مبادئ العالم الحر ومصالح العالم الحر!
في الغرب يقوم (العالم الحر) وفي الشرق تقوم (الديمقراطية الشعبية) ونصيب هذه الديمقراطية من اسمها كنصيب العالم الحر من اسمه بسواء!
فالديمقراطية الشعبية هي الديمقراطيات التي تحكم حكماً ديكتاتورياً مباشراً، تحرسه الجاسوسية الرهيبة؛ ولا تسمح لفرد من الشعب فضلا على الشعب كله أن يفكر بحرية، لا أن يفكر في الحريةذاتها بحال!
وإذا كان العالم الحر أجهزته وأقلامه وألسنته، فان للديمقراطية الشعبية أجهزتها وأقلامها وألسنتها. . وكلها تعمل في محيطنا العربي والإسلامي. . . وكلها تستحق منا المكافحة كما نكافح الاستعمار. . . إلا أن الاستعمار يجثم على صدورنا اليوم ويخنق أنفاسنا بعنف. والواجب يقتضينا أن نوجه المقاومة الإيجابية للاستعمار، والمقاومة الفكرية للديمقراطيات الشعبية!
والراية التي تجمعنا لنكافح. . . هي وحدها راية الإسلام.
إن بعضنا يؤثرون أن يتجمعوا تحت الراية العربية. . . وأنا لا أُعارض في أن يكون هذا تجمعاً وقتياً يهدف إلى تجمع أكبر منه، فليسهناك تعارض جدي بين القومية العربية