لأنهأفضلهم على الإطلاق، ولإنه إمامهم، ورسالاتهم مستمدة من رسالته، ولأن الله ناداهمبأسمائهم وناداه بصفاته، وما إلى هذه من الترهات الرخيصة. ولوفقه هذا الصنف الغبي شخصية محمد كما يجب أن تفقه، لأدرك أن محمد نفسه لم يقر تفضيله على غيره من إخوانه الرسل لأن في هذا لوناً من التعصب الذي لا يرتضيه لأتباعه؛ فقد ورد البخاري عن أبي سعيد الخدري قال:(بينما رسول الله (ص) جالس جاء يهودي، فقال: يا أبا القاسم! ضرب وجهي رجل من أصحابك. فقل: من؟ قال: رجل من الأنصار. قال: ادعوه، فقال: أضربته؟ قال: سمعته بالسوق يحلف، والذي اصطفى موسى على البشر! قلت: أي خبيث! على محمد (ص)؟ فأخذتني غضبة ضربت وجهه. فقال النبي (ص) لا تخيروا بين الأنبياء، فان الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق أم حوسب بالصعقة الأولى؟).
وهناك صنف ثالث منضو في سلك الطرق الصوفية البلهاء، يعتبر أن المسلم لا يكون مسلماً إلا إذا اعتقد أن نور الكون مستمد من نور محمد، وأنالسماء والأرض، والشمس والقمر والنجوم والجبال، كل هذه لم تخلق إلا من أجله. . . وهذا الصنف أتفه من أن نقيم لعقليته وزناً.
إن محمدا صاحب رسالة إنسانية، فإذا أردنا أن نحتفي ونحتفل بذكراه، فالواجب أن نستشف المعاني الحية التي تضمنتها رسالته، والتي تنهض بأمتنا وهي في مسيس الحاجة إلى النهوض , فما المعاني الحية التي تضمنتها رسالة محمد - صلوات الله وسلامه عليه -؟
إن رسالته تضمنت معاني ثلاثة حية: تحرير العقول، وتحرير النفوس، وتهيئة حياة طيبة لهذه النفوس.
فقد كانت العقول قبل رسالته غريقة في خضم من الضلال والغي، وأي دليل على ضلالها وغيها أوضح من عكوفها على عبادة حجارة صماء، لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع، وما أن جاءت رسالة محمد حتى أخذت على عاتقها تحرير هذه العقول، وانتشالها من هوة الضلال والغي، إلى أفق النور والهداية، وراحت بالمنطق السليم تناقش عقيدتها حتى تثبت فسادها: