(إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم، فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين - ألهم أرجل يمشون بها، أم لهم أيد يبطشون بها، أم لهم أعين يبصرون بها، أم لهم آذان يسمعون بها؟ قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون - إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين - والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم، ولا أنفسهم ينصرون - وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا، وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون) الأعراف.
(يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له. وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه. ضعف الطالب والمطلوب - ما قدروا الله حق قدره، إن الله لقوي عزيز) الحج.
(واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون، ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا، ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورا.) الفرقان.
بهذا المنطق السليم استطاعت رسالة محمد، أن تحرر العقول، وتوجهها إلى عبادة الواحد القهار، الخالق الرزاق، والضار النافع، الذي بيده ملكوت كل شئ، والغالب على أمره الذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء.
ورسالة محمد حررت النفوسبعد أن وضعت حداً لاستعباد الإنسان للإنسان، فقد كانت الحياة قبلبعثة محمد (ص) مزيجاً من الهمجية والفوضى، وأبرز ما فيهما العصبية القبلية، فالقبائل الكبرى تتعاظم بآبائها وتفخر بأجدادها، وتتشدق بأنسابها وأحسابها، وأما الضعفاء والهزل، فهم كمية مهملة ضائعة، لا وزن لها ولا قدر، ولا يعبأ بكيانها ولا يكترث لوجودها، يسخرون كما ت سخر الأنعام، ويعيشون عيش الرقيق المسلوبي الإرادة، وما أن جاءت رسالة محمد حتى أعلنت أن الناس جميعاً قد خلقوا من نفس واحد، ومنتسبون جميعاً إلى ذكر وأنثى، لتقرر مبدأ المساواة بينهم، حتى يظلوا بعد اليوم سواسية كأسنان المشط؛ وراح القرآن يقوم بمهمة تقرير هذا المبدأ الخطير الدقيق:
(يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء. . .) النساء.
(ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون.) الروم.