وأخذت تمدح الثقافة الأوكرانية الوطنية متجاهلة الأسس الجوهرية للفكر السوفيتي - هذه الاتجاهات ليست إلا الجهل بأهداف النهضة السوفيتية ومراميها في تنمية الثقافات الروسية الإقليمية في الولايات الأوربية والآسيوية التي تصهر الاتحاد السوفيتي في بوتقة الفكر الماركسي الشامل. وأشارت برافدا إلى أن تسامح موسكو إزاء نمو الثقافات المحلية هذه الولايات السوفيتية لا يعني التغاضي عن صهر هذه الثقافات في بوتقة الفكر السوفيتي الشامل.
وانتقدت برافدا كذلك فقان الكفاية العلمية والأدبية بين زعماء الحزب الشيوعي الأوكراني وما يتبعه من معاهد علمية ومؤسسات أدبية وفنية، وأشارت برافدا على سبيل المثال إلى عضوية (أكاديمية العلوم الأوكرانية) وقالت بأن ٧٠ في المائة من أعضائها مفتقرون إلى الثقافة العالية التي توفر لهم المقدرة الفكرية لاستيعاب المبادئ الماركسية في أبواب العلم والأدب والفن.
ومن جراء هذه الحملة التي شنها جريدة برافدا (لسان حال الكرملين في موسكو) أن أدخلت تعديلات على عضوية اللجان الثقافية التي يوجهها الحزب الشيوعي في أوكرانيا، ويسيطر بواسطتها على الحياة الأدبية والفنية في ذلك الجزء الهام من الاتحاد السوفيتي. وقد منعت السلطات في أوكرانيا بإيحاء من موسكو تمثيل أوبر (بودهان خاما لنتسكي) لما تضمنته من تمجيد للقومية الأوكرانية. وكانت هذه الأوبرا قد لقيت رواجاً منقطع النظير عندما عرضت لفترة قصيرة في العاصمة الأوكرانية.
وقد حاول الأستاذ لينوند ماكينوف نائب ستالين في أوكرانيا أن يبرر هذه الرقابة السوفيتية على الإنتاج الأدبي والفني في أوكرانيا فأصدر بياناً مسهباً أستعرض فيه المنافع الثقافية التي حققتها الإدارة المركزية للحكومة السوفيتية في أوكرانيا. فقال إن أوكرانيا قبل قيام العهد السوفيتي كانت مفتقرة إلى أبسط وسائل التعليم والإنتاج الأدبي والفني. أما اليوم فإن أوكرانيا تعيش في خيرات ثقافية لا مثيل لها. ففي البلد أكثر من ١٥٨ جامعة ومعهد للدراسات العالية. وفيها ٧٥ مسرحاً ودار للأوبرا. ولها ٢٦ فرقة موسيقية و٢٨ ألف منتدى أدبي وثقافي. ويصدر في أوكرانيا ١٢٠٠ جريدة يومية و٦٤ مجلة أسبوعية وشهرية.
هذا لون من الصراع الفكري في روسيا السوفيتية لعل في التعرف عليه نوعا من المتعة