التي ذهبت فيها لغة التخاطب العادية تحت تأثير الكتابات الأدبية، وتنحصر تلك المشكلة في السؤال الآتي: هل نجعل اللغة الفصحى لغة الحوار وبذلك نجعله حواراً مصطنعاً غير طبيعي؟ أم نقتصر على اللغة الفصحى في القصص والوصف، ونستعمل العامية في الحوار، وبذلك نعرض القصة للتفكك والتنافر؟
وقد سار الكتاب في القصص التي ظهرت فيما قبل على الطريقة الأولى أعني استخدام اللغة الفصحى في الحوار لا في الترجمة فحسب (وهنا تكون المسألة طبيعية) ولكن فيما ألفه كتاب القصص من السوريين أيضاً، وذلك بذكر القارئ الأوربي ما كانت عليه القصص الأوربية أثناء نشأتها من تكلف وضعف. وتعتبر زينب في نظري أول قصة استعملت إليها اللغة العامية في الحوار، ولقد ترك ذلك أثراً في القصص القصيرة الأخرى، ونخص بالذكر منها مجموعة محمود تيمور المسماة (بالشيخ جمعة) ولقد قامت بجانب ذلك فكرة أخرى وهي أن يكون الحوار بحسب درجة تعلم المتكلم، وبذلك يراوح الكاتب أن يرواح بين اللغة الفصحى واللغة العامية هبوطاً أو صعوداً، وإذا استعمل الفصحى على لسان شخص متعلم الأدبية العالية ينبغي أن يتحاشى العبارات، لكي يتمشى ذلك مع السهولة المطلوبة والمعتادة في الحوار (ويلاحظ أن الحوار في الطبعة الثانية للشيخ جمعة قد عدل بما يتفق مع هذا المبدأ) وبهذه الطريقة يتسنى للكتاب أن يحرصوا على المظهر الطبيعي للقصة مع تضحية قليلة في الصدق والإصابة بحيث لا يصعب على القارئ أثناء مطالعة القصة أن يحول في ذهنه عبارات الحوار المكتوبة إلى ما يعرفه من عبارات الحديث المألوفة. ونحن من جهتنا نتوقع أن نشاهد تحقيق هذه النظرية في القريب، وعلى الخصوص مع أتساع التعليم الابتدائي وبفضل مجهود الأدباء.
ويبقى علينا في هذا الصدد أن نتساءل إلى أي حد قد استطاع القصصيون الحديثون في مصر أن يعبروا عن مشاكل شعبهم وحاجته وأطماعه. يمكننا أن نستنتج من البحث المتقدم أن عدد القصص التي يظهر فيها ذلك قليل جداإذا اقتصرنا على الآثار التي لها قيمة أدبية حقيقية. '
يعتبر نقولا حداد، صاحب جريدة السيدات والرجال التي نشرت فيه معظم مباحثه، أوفر القصصيين العصريين إنتاجا وهو في نظر محمود تيمور أبعدهم شهرة أيضا. وعلى الرغم