والرسالة بعد أحفل الصحف الأدبية في الشرق آثار أدباء الأزهر وشعرائه، ولا يخلو عدد من أعدادها التي تربو على الألف رغم تنوع مشاربها، واختلاف مناحيها، من أقلام أزهرية تعالج شؤون الأدب والدين والتاريخ، مما يشهد بأثرها الواضح في تنشيط العقل الأزهري وتوجيهه.
وإذا كانت آراء الكتاب قد اختلفت قربا وبعدا في توجيه الإصلاح الأزهري على صفحات الرسالة، فأن صاحبها الكبير قد وضع للمشكلة الأزهرية حلولا مختلفة، أخذت تتبلور وتتضح، حتى اجتمعت أخيرا في حل حاسم جهر به ودعا إليه، وكان لحوله المختلفة - في سنواتها المتفرقة - صداها القوى المجلجل، فقد تناولها الكتاب بالنقد والتعليق، ودفعت كثيرا من الأقلام إلى المعارضة والتأييد، وسنعرض اليوم موجزاً دقيقاً لهذه الحلول، ليلم بها القارئ في أضيق نطاق، وله أن يرجع إلى أعداد الرسالة السابقة إن أراد الإسهاب والتفصيل.
لقد بدأ الأستاذ الزيات فجدد رسالة الأزهر، ووجهها إلى ثلاثة مناح:
(١) تنقية الإسلام من العقائد الواغلة، والمذاهب الباطلة، والعادات الدخيلة، وسبل ذلك ما يأتي:
(أ) تفسير القرآن على هدى الرواية الصحيحة، وفي ضوء العلم الصحيح، تفسيراً يجمع ما صح من أقوال السلف وما صلح من أقوال الخلف.
(ب) تأليف كتاب يجمع ما لا ريب فيه من أحاديث الرسول، ويستعان على شرحه وتبويبه بعلوم التاريخ والفلسفة والاجتماع.
(ج) تصنيف كتاب شامل للمذاهب الفقهية الصحيحة، فيوضح متنه مواد كالقانون، ثم يشرح شرحاً يستوعب الأصول والفروع (على أن تكون هذه الكتب الثلاثة مادة الدراسة، ومصدر الفتوى، ومرجع القضاء).
(٢) إعداد الوعاظ والدعاة في الشرق الإسلامي من أهل اللسن والخلق والعلم وسبيل ذلك ما يأتي:
(أ) إمدادهم بالثقافة الحديثة واللغات الحية فوق التكوين الأزهري.
(ب) إيفادهم إلى الأمم الإسلامية البعيدة عن مواطن العروبة وهبط الوحي.