(ج) العناية اليقظة بالبعثات الإسلامية في الأزهر، فأصحابها أقدر على إرشاد قومهم باللغة والقدوة والنفوذ.
(٣) جعل اللغة العربية لغة المسلمين كافة، فيكون لكل مسلم في الأرض لغتان، لغة لوطنه الأصغر، ولغة لوطنه الأكبر. وسبيل ذلك:
(أ) أن تحمل مشيخة الأزهر أقطاب الرأي في البلاد الإسلامية بالمفاوضة والائتمار على أن يجعلوا تعلم اللغة العربية إجباريا في مراحل التعليم المختلفة (ب) أن تتكفل بإرسال المعلمين من المتخصصين بالأزهر ليضطلعوا بهذه الرسالة.
هذه هي رسالة الأزهر كما حددها الأستاذ الزيات، وقد كان المظنون أن هذه الجامعة العريقة ستسعى إلى تحقيقها، لتتم لها الهيمنة الروحية على العالم الإسلامي، وخاصة أن الأستاذ المراغي كان يتقلد مشيخة الأزهر، وفي وسعه أن يرتفع به إلى الأوج، لو خلصت النية، وصحت العزيمة، فقد عقد الشباب الأزهري على جهوده المرتقبة، آمالا واسعة عريضة، واندفاع الشباب والشيوخ - إلا قليلاً - يؤيد حركة البعث في الصحف والمجلات، وقد رأى الأستاذ الزيات أن الفرصة مواتية لحركة الإصلاح ففسح لها في صحيفته مكاناً طيباً، واندفاع مرة أخرى يحلل ويعلل، ويمهد أسباب الوثوب والتقدم والاستقرار، وقد لخص علاجه في أمرين اثنين ينهضان بالأزهر الحديث، وينقذانه مما يتكاءده من التقاليد البالية، والجمود الميت، هذان الأمران هما: إعداد المعلم وتأليف الكتاب.
والمعلم كما يقول صاحب الرسالة لا بد أن يكون متمكنا في علوم الدين وصاحب ملكة في الفقه، وأن يكون متبحراً في فنون العربية، وصاحب قريحة في الأدب، وأن يأخذ بعد هذا وهذا من ثقافة الغرب بأوفر نصيب. أما الكتاب فلا يتيسر إلا بعد إعداد المعلم، لأنه هو وحده الذي يدري كيف يؤلفه ويدرسه (ومتى توفر للأزهر المعلم والكتاب في ظل هذه الإدارة البصيرة، صح لك أن تقول إن مصر ظفرت بجامعتها الصحيحة التي تدخل المدينة الغربية في الإسلام، وتجلو الحضارة الشرقية للغرب، وتصفى الدين من شوائب البدع والشبه والركاكة والعجمة).
ثم مضت الأيام خلف الأيام!! والأزهر على حالته الراهنة لا يأخذ بإصلاح ولا ينهض إلى رسالة. ومن الإنصاف للتاريخ أن نقول إن الأستاذ المراغي قد نحى بالأزهر في هذه