الآونة ناحية عصفت بآماله، وبددت شمله، فقد اندفع به التيار الحزبي البغيض لينصر فريقا على فريق! ولم يلتفت إلى إصلاحه وتوجيهه، بعد أن عقدت عليه الآمال، وامتدت غليه الأعناق،! وأصبح الشباب الأزهري المتوثب إلى الرقي والنهضة حائراً لا يجد من يأخذ بناصره، ويتولى زمام أمره، سوى أفراد من رجاله لا يملكون غير الخطب والمقالات، بل إنه وجد من يفت في عضده ويثبط همته، (من شيوخ غاية أمرهم أن يتزبوا بالورع ويتفقهوا في العلوم، بتشقيق الجمل، وتوليد الألفاظ، وتعديد الفروض) وما زال الفساد السياسي من جهة، والعصبية المعهدية بين الأزهر والجامعة من جهة أخرى ينهشان في هذا المعهد التليد، ويفرقان أبناء الثقافة الواحدة شيعاً وأحزابا، حتى تأكد المفكرون أن الأزهر لا يستطيع أن يصلح نفسه بنفسه، وأنه محتاج إلى خلق جديد، وسيطرة خارجية، ترفعه عن النزوات الشخصية، والإسفاف الحزبي، وتعود به إلى حظيرة الدرس والفضيلة والتثقيف، لذلك قام الأستاذ الزيات بدعوة جريئة إلى إصلاح الأزهر، فتقدم على صفحات الرسالة باقتراح حاسم يتضمن ما يلي:
١ - أن يلغي التعليم الابتدائي من جميع المعاهد الدينية، ليلقي بمقاليده إلى وزارة المعارف فتقسمه على الوجه الذي تراه، وذلك بدء الوحدة الثقافية.
٢ - أن تتحول المعاهد الثانوية الدينية إلى مدارس ثانوية لحاملي الشهادات الابتدائية العامة، وتعلم فيها الرياضيات والعلوم وفق منهج الوزارة، وفي أول السنة الثالثة يتجه طلابها اتجاهين مختلفين: إما إلى الدين وعلومه، أو إلى اللغة وفنونها، فإذا انقضت السنوات الخمس تقدم طلاب الشعبتين إلى امتحان الشهادة الثانوية مع سائر إخوانهم في جميع المدارس، يمتحنون معهم فيما يتفقون فيه، وينفردون انفراد شعب التوجيه فيما اختصوا به.
٣ - أن يقتصر في التعليم الجامعي بالأزهر على كليتين اثنتين: كلية الدين وتشمل كليتي الشريعة والأصول، وكلية اللغة وتشمل كلية اللغة العربية ودار العلوم.
وقد أثار هذا الاقتراح جدلاً كبيراً بين الأقلام ما بين مؤيد ومعارض، وقد هاجمه من كبار رجال الأزهر المغفور له الأستاذ الغمراوي بمجلة الرسالة مهاجمة خطابية عاطفية، كما عارضه الأستاذ محمد عبد اللطيف دراز وكيل الأزهر الآن بمجلة رسالة الإسلام معارضة