يوم من الأيام! وحسبها أنها قد عاشت عذراء وماتت عذراء! صحيح أنها قد أحبت في أواخر حياتها الكاتب الفرنسي شارتوبريان، ولكنه الحب الروحي البريء الذي يقتصر على أن يربط بين قلبين بروابط الود والصداقة. . ولكم حاول نابليون أن يظفر بها زوجة فما استطاع، وكل هذا يؤكده تاريخ حياتها الذي سجلناه في كتابنا (نماذج فنية)! إن كل ما كانت تحمله مدام ريكاميية لبلراك هو الشعور بالإعجاب، ولقد كانت بداية هذا الشعور يوم أن قدم إليها قصته الرائعة (المرأة ذات الثلاثين). . كان بلراك يومئذ يصعد أول درجة في سلم المجد الأدبي فاستطاع أن يصعد الدرجة الثانية، حين قدمته مدام ريكامييه هو رقصته إلى صاحب (عبقرية المسيحية) تقديما يحفل بالتقدير ويزخر بالثناء، ولم يخب ظنها فيه وهي تقول عنه لشاتوبريان إنه عبقري وموهوب!.
وبقي شيء ثالث وهو قول الأستاذ بأن قصة (لويس لامبير) هي أقوى وأعمق ما كتب بلراك. . إن الذي نعلمه ونؤكده أيضاً على ضوء قراءتنا المتواضعة وعلى ضوء تقدير النقاد، أن قصة (الأب حوريو) هي التي يمكن أن توضع في المكان الأول ثم تليها بعد ذلك قصة (أوجيني جراندية)، وإن كان دستويفسكي قد خص هذه القصة الأخيرة بالحب والإعجاب وقام بترجمتها إلى اللغة الروسية وتتلمذ عليها في بدء حياته الفنية. . وبمناسبة الحديث عن هذه القصة نود أن نقول للأستاذ علي متولي صلاح إن (أوجيني جرانديه) لم تكن (بخيل) بلزاك كما ورد في مقالة بالعدد الأسبق من الرسالة! إن (أوجيني جرانديه) لم تكن رجلاً وإنما كانت امرأة، ولم تكن بخيلة وإنما كانت فتاة على شيء غير قليل من كرم النفس وسخاء اليد، وكم لقيت في سبيل ذلك من أبيها (البخيل) ألوانا من الظلم والقهر والاضطهاد. . إن البخيل في قصة بلزاك هو مسيو جرانديه، أما أوجيني جرانديه فهي ابنه البخيل كما تشير إلى ذلك قصة الكاتب الفرنسي!.