إنه رجل يضرب في الأفاق مجنون. . . وقد سمع منه الأمير ما سمع في الغابة حين كان يصطاد!.
فأرسل الملك أعوانه في البحث عن هذا المتشرد المجنون ليحضروه إليه. . . حتى وجدوه فجاءوا به إلى قصر الملك الفخم العظيم! فسأله الملك عن مملكة عروس الماء أين تكون؟.
قال المجنون: إنها فيما بلى حدود الشمال من مملكتك أيها الملك العظيم. . . وعند سفح جبل (شيتراهي) حيث تنبع بحيرة (كامياكا). . .
فقال الملك: وهل يبصر المرء عرائس الماء هناك؟.
فأجاب الجائل المخبول: نعم! في إمكان المرء رؤيتهن. . ولكنه لا يكاد يعرفهن لما يحطن به أنفسهن من غبهام وغموض. . . غير أني أعرف العرائس الفاتنات بأصوات مزاميرهن الرائعة. . أو بقبس من شعاع لهن وهاج!.
فغضب الملك من هذا الهذيان وقال: (إنه لمجنون! قد أصابه مس من حياة التشرد والتجوال فاطردوه).
غير أن الأمير كان قد أصغى إلى ذلك الهذيان الجميل. . . وقد علق بقلبه منه ما سمع، فليس إلى طرده من سبيل. . .
وجاء الربيع يكاد سنا حسنة يستلب العقول. . . وانبثقت أزاهيره في الغابة تملأها حسناً وعطراً! فركب الأمير جواده وخرج. . . فيسأله الأهل: إلى أين أيها الفتى النبيل؟ إلى أين أيها الأمير الجميل؟ ولكن الأمير ساكت لا يجيب.
السيل يتدفق منحدراً من أعلى الجبل ثم ينصب في البحرية فيفيض. . . وهناك، هناك قرب الجبل في المعبد المهجور كان الأمير يقيم!.
ومر شهر، والأمير في معبده يرتقب، وفي الشهر هذا اشتدت خضرة الزرع، واكتست بوشاح من الزبرجد الزاهي الجميل!.
وإن هذا الشهر الجديد يكاد ينصرم. . والأمير في مكانه لا يريم!.
وفي ليلة من ليالي هذا الشهر أصغى الأمير الشاب إلى صوت مزمار خافت يطرق أذنيه كالصدى النائي البعيد. . .
وفي اتجاه السيل المنحدر إلى البحرية الجميلة كان اتجاه الأمير. . . حيث كان مصدر