للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

علاقة الجوار واللغة والدين والعادات والتقاليد وما إلى ذلك من علاقات تضرب في بطرن التاريخ إلى آماد سحيقة بعيدة. وقد وهم البعض أن هذه الجامعة إنما أريد بها أن تكون أداة ذلولا في يد الإنجليز ينفذون بها مآربهم، ولكنها أثبتت أن هؤلاء جد واهمين! فقد عملت جاهدة على استكمال السيادة لمن تنقصها السيادة من البلاد العربية، وحققت جاهدة كثيرا من الأغراض المشتركة بين البلاد العربية كالثقافة والسياسة والاجتماع والمواصلات والقوانين وسواها، وذلك ليس من مآرب الإنجليز في شيء! ولكننا لسنا اليوم بصدد سرد أعمالها وجهودها في الماضي فلذلك مقام آخر، وإنما نحن اليوم بصدد الحديث عنها الآن في ظل هذا العهد الجديد. . . كان الملك السابق يتدخل تدخلا ساقراً في أعمال الجامعة لمآرب يبغي تحقيقها لنفسه، كان يبغي - كما كان أبوه يبغي من قبل - أن يكون خليفة المسلمين! فكان يجمع الملوك ويوفد الوفود ويلقي بالتصريحات المملوءة بالحماس في بعض القضايا العربية كما فعل مثلا في قضية سوريا ولبنان! ولكنه لم يكن ينظر في ذلك جمعية إلا إلى شخصه. فلما عز عليه تحقيق مطالبه انقلب عدوا للجامعة وساءت العلاقات بينه وبين الكثير من الأسر الحاكمة في البلاد العربية، وحقت صوت الحماس منه وكان قويا! وبزوال فاروق زال هذا العصر الشخصي الذي كان يتدخل في أعمال الجامعة، وصارت اجتماعاتها اجتماعات شعوب لا اجتماعات ملوك وأمراء كالتي كان يجمعها فاروق، وأسبغ العهد الحاضر ظلا وارفا من رعايته على الجامعة. وليس من عجب في ذلك، فإن العهد الحاضر تربطه بالجامعة أسباب وأسباب، (فلسطين) هي أول حجر في هذا العهد كما تعلمون وقائد الحركة قد حارب هناك وجرح، وقضية (لأسلحة الفاسدة) هي - كما تعلمون أيضا - من السباب المباشرة لهذه الحركة. . . لهذا كان طبيعيا أن نرى العهد الحاضر يحتضن الجامعة، ويحتضن قضايا الأمم العربية عامة فيهب هبة الليث الهصور لموقف ألمانيا من إسرائيل، ويأسو جراح المكلومين الشاردين في غزة، فيسوق إليهم الغوث والعون في (قطار الرحمة)!.

علي متولي صلاح

<<  <  ج:
ص:  >  >>