ولعل الأديب الحنفي يتصور لهذه التسمية قصة شائقة، فهو يشتاق إلى رؤية فصولها الرائعة، ولو كان الأمر كذلك ما فاتني أن ألم بها في حديثي بالثقافة عن الشاعر الملتاع! وكل ما نعرفه عن هذه التسمية العجيبة ما نقله شيخنا الأستاذ أحمد يوسف نجاتي فيتعليقاته النفسية (بالجزء التاسع من نفح الطيب ص١٩) من أن الشاعر كان ذا عينين خضراوين كعيون بعض الديكة الرائعة، فسمي بالديك لذلك.
وهناك سبب ثان لهذه التسمية، فقد ذكر الأستاذ نجاتي أن أحد أصدقاء الشاعر قد صنع له وليمة كبيرة، وذبح فيها ديكا رائعا قد اشتهر بجمال صوته، وحسن منظره فنظم ديك الجن، أبياتا رائعة في رثائه، واشتهر بها حتى سمي بديك الجن، ومن هذه الأبيات.
دعانا أبو عمرو عمير بن جعفر ... على لحم ديك دعوة بعد موعد
فقدم ديكا عد دهراً مدملجا ... مؤانس أبيات مؤذن مسجد
وقال لقد سبحت دهرا مهللا ... وأسهرت بالتأذين أعين هجد
أيذبح بين المسلمين مؤذن ... مقيم على دين النبي محمد
فقلت له ياديك إنك صادق ... وإنك فيما قلت غير مفند
ولا ذنب للأضياف إن نالك الردى ... فإن المنايا للديوك بمرصد
هذا كل ما قيل. . . أما إضافة الديك إلى الجن، فقد كانت مبالغة صريحة في جودة الديك وروعته، إذ أن أرباب البلاغة إذا رأوا حسنا - كما يقول أبو العلاء - عدوه من صنعة الجن. وقد بلغ الديك من الحسن مبلغا عظيما، يتخطى الأنس إلى الجن، ونسب (للعبقريين).
ولعل القارئ قد أدرك سذاجة هذه التسمية، وكم للشعراء من تسميات عجيبة ألصقت بهم إلصاقا لمناسبة تافهة، كدران العود، والحيص بيص وفلان وفلان.