للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن شريعتنا لا تدع ولاة الأمور يهدرون دم الأبرياء، ثم يروحون ناجين لا تمتد إليهم يد القانون الشلاء العزلاء.

لهذا نحن ندعو إلى تحكيم شريعة الإسلام؛ لأنها شريعة أكثر تقدما، وأوسع أفقاً، وأكثر مرونة. . ولأن قانونكم الأرضي قاصر جامد متخلف لا يلبي داعي الزمن؛ ولا يقتص لدماء الأبرياء!

تساوقت هذه الخواطر في نفسي وأنا أطالع صحيفة الاتهام. وأنا أبصر بيد العدالة الأرضية قصيرة عاجزة شلاء. وأتطلع إلى عدالة السماء فأراها شاهقة ساحقة متفوقة شماء.

وقلت: ألا يفتح الله على هذه البشرية فتخرج من مضيق الأرض إلى فسحة السماء؟ ألا يكشف الله عن بصيرة هؤلاء الناس فيبصروا النور الذي يتخبطون دونه في دياجير الظلام؟

إن أشد ما يثير الضحك المر. . رجال القانون عندنا، أولئك الذين يحسبون شرائعهم عصرية تقدمية، ويعدون شريعة الله قديمة ورجعية!

إنهم لا يكلفون أنفسهم النظر في شرائعهم وشريعة الله. ليعلموا أن عقلية التشريع التي بين أيديهم جامدة قاصرة حين تقاس إلى الشريعة السمحة الحرة الدقيقة العادلة.

إنهم جهلاء ويحسبون أنفسهم من العلماء! إنهم جامدون ويحسبون أنفسهم متحررين (وإذا قيل لهم: لا تفسدوا في الأرض. قالوا: إنما نحن مصلحون! ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)

غفر الله لهم وهداهم إلى الحق. والحق منهم على قيد ذراع.

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>