الذي يقف جامداً مكبلاً بالإجراءات!
وتخطئ المحكمة ذاتها ثم يتبين لها الخطأ بعد أن تصدر حكمها، فلا تملك حينئذ أن ترجع إلى الصواب. .
لقد خرج الأمر من يدها بمجرد إصدار الحكم!
ها ها! ها ها لعدالة الأرض التي ترى الحق واضحاً ولكنها لا تملك الرجوع إليه، لأن الأمر خرج من يدها محافظة على الإجراءات!
أما عدالة السماء فتقول: إن الرجوع إلى الحق فضيلة. ولا تمنع القاضي الذي يصدر الحكم، ثم يتبين له خطؤه أن ينقض حكمه بنفسه، وأن يرتد إلى الحق، لأن الحق أولى بالإتباع.
وبالطبع لا تقف أمام محكمة أخرى أن ترد الحق إلى نصابه بمجرد أن يتبين الحق، غير مقيدة بهذه الشكليات التي يؤثرها قانون الأرض على العدالة، ويصون اعتبارها ولو بإهدار دماء الأبرياء.
فأين عدالة الأرض من عدالة السماء؟!
إننا حين نطلب للإسلام أن يحكم، وحين نطلب لشريعته أن تكون مصدر التشريع. . إنما نطالب بشريعة أرقى، وبإجراءات أدق، وبعدالة أكمل
والجاهلون يقولون: أتريدوننا على أن نرتد إلى الوراء أربعة عشر قرناً؟!
يا للغرور! يا للجهالة! إن قانونكم هو القاصر العاجز، وإن تشريعكم هو المتأخر الجامد. .
إن شريعتنا التي ندعوكم إليها لا تغل يد القاضي عن العودة إلى الحق، في أي وقت وفي أي دور من أدوار المحاكمة. . حتى بعد الحكم، له أن يعود إلى الحق الذي يراه.
إن شريعتنا لا تقف جامدة مشلولة أمام الظلم الواقع والعدل الضائع، لأنها تريد المحافظة على كرامة الإجراءات دون كرامة العدل والحق والقضاء.
إن شريعتنا لا تقف عاجزة أمام ملك ولا رئيس جمهورية ولا رئيس وزارة ولا وزير ولا كبير. . فحيثما كانت جريمة فشريعتنا حاضرة لردع المجرم كائنا منصبه ما كان.
إن شريعتنا لا تسمي القاتل ولا المحرض على القتل صاحب جلالة، ولا تصون ذاته المقدسة، ولا تضعه فوق القانون.