للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قد شمل بذلك كل رجل وكل امرأة، فلم يستثن من النساء تلميذة، ولا من الرجال أستاذاً؛ ولأن المدرس المؤدب المهذب الذي يدرس الخلق والدين، لا يبقى أبداً كما يكون في الفصل؛ ولأن حالات مختلفات، وغرائز وشهوات، فإن تكلم في الفصل بلسان عقله فقد يتكلم خارج الفصل بـ. . . غير لسان العقل!

والصخرة الراسية إن أزحتها شعرة بعد شعرة حتى فقدت رسوخها، رأيتها تتدحرج فتهوي فلا تستقر إلا في قرارة الوادي. وكذلك البنت لا تسقط فجأة، ولكنها تلين ثم تتزحزح ثم تضعف فتهوى (هي أيضاً) إلى الحضيض. فرب بكر عذراء شريفة، تستطيع أن تفخر بأشرف أب، وأن تظفر بأفضل زوج، وأن تكون سيدة مجمعها، ووجيهة قومها، تغدو غدوة، أو تزور زورة، فتمزح مزحة، وتضعف لحظة، فإذا هي قد غدت ساقطة، وصارت بغياً، لا يقبل المجتمع توبتها، ولا يغسل حوبتها. أما الذي أغواها، فسرعان ما ينسى الناس فعلته، ويقبلون توبته، ويغسلون حوبته، فيذهب هو بغنم اللذة، ويبقى عليها غرم العقاب، تحمله وحدها، عاراً لاسمها، وولداً في بطنها، فتكون قد شرت شقاء العمر بلذة دقائق خمس أو عشر!

فلما استقرت قدمها في الجامعة، وعرفت (صامتة) من حولها، اصطفت طائفة من البنات، من كل عفيفة شريفة، صينة دينة، فنفخت فيهن روحاً من روحها، وصبت فيهن عزماً من عزمها، وجعلت منهن جبهة للصيانة والديانة، والشرف والعفاف، يأس منها الفساق، كما يئس من دخول الجنة إبليس. والشاب مهما كان جريئا في فسقه لا يقدم على البنت إن رأى منها الجد والصد، ورآها تمشي رافعة الرأس، ثابتة القدم. وإن أقدم عليها فأغلظت رده، أو لطمت خده، ولعنت أباه وجده، فإن زاد فخلعت نعلها من رجلها ونزلت به على رأسه - لما عاد.

أما سيرتها في بيتها، فسيرة البنت البارة، والطالبة الجادة، والمسلمة التي تعرف حق نفسها وحق أهلها وحق ربها، تترك لله كل ما لا يرضي الله، لا رغبة عنه في الظاهر مع رغبة فيه في الباطن، بل عن إيمان ويقين، وتصديق لقول الرسول: من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

تركت القصص الفاجرة، والأفلام الداعرة، وكل ما تتسابق إليه من اللهو الفتيات، وما تطمع

<<  <  ج:
ص:  >  >>