الزواج به؟ وكيف يسأل (عبد الصبور) - في أول الرواية - عن صديقه (علوان أفندي) الذي لم يحضر مع مريديه ومحبيه سؤالا نفهم منه أنه يعجب لعدم حضوره معهم ويستنكر ذلك مما يدل على أنه مواظب على حضور هذه الجلسات التي يعقدونها لتحضير (الأرواح) ثم تمضي الرواية كلها دون أن نرى (علوان أفندي) هذا؟
وأريد - قبل أن يمضي بي الحديث إلى غايته - أن أنوه بالمجهود الكبير الذي بذله الأستاذ فتوح نشاطي في إخراج هذه المسرحية، فقد التمس لكل دور الشخص الذي لا يتصور الخيال أن أحدا غيره يناسبه! أنه قد تعمق فهم شخصيات المؤلف وأخرجها لنا كما يريد المؤلف تماماً حتى صارت شخصيات نموذجية في موضوعها ومعناها وصورتها أيضاً! وإن الحيل المسرحية التي اعتمد عليها في تحضير (أرواح) الموتى، وفي تحريك المنضدة والكوب والكراسي حيل بارعة لا يظهر فيها افتعال أو صنعة! ولقد نهض الممثلون بأدوارهم في براعة أشهد أنها في الذروة من البراعة والمشقة والجهد، ولا أدري كيف أشيد بأحدهم وأترك الآخرين فكلهم ناجح وكلهم مشهور، بيد أني آخذ على (وداد حمدي) التي كانت تقوم بدور الخادمة أنها لم تكن خادمة حقاً! وأقرر أن هذا عيب شائع في ممثلينا، فهم يرضخون لحكم (الصنعة) عندما يكلفون تمثيل أدوار الخدم، ولكنهم يضمرون الكراهية لهذا الدور بينهم وبين أنفسهم! فتراهم لا يعملون تماماً ما يعمل الخدم، وإن عملوا فإنهم يحاولون أن تبدر منهم لفتة عظيمة، أو كلمة فخمة، أو مشية وقورة، تشير إلى أنهم ليسوا من الخدم في شئ!! وذلك نقص أرجو أن يتلافوه!
وبعد: فأرجو أن يعلم المؤلف أننا نرقب منه خيرا كثيرا للمسرح، وأننا نرى فيه مواهب متدفقة أصيلة، وأن اللغو الذي أثير حول هذه المسرحية إنما هو من عبث الذين لا يعرفون عن المسرح سوى خشبته وأنواره! والذين يحسبون المسرح مجرد شعوذة بيانية، أو خطب منبرية! أرجو أن يتوجه الأستاذ يوسف السباعي إلى التأليف المسرحي بكلياته، وأن يحاول اصطناع اللغة العربية السهلة التي أشرت بها، وأن يدرس فنون المسرح دراسة جد وصرامة لا دراسة هواية فحسب، وأنا زعيم له - بعد ذلك - بأنه سيكون من كبار مؤلفي المسرحيات الكوميدية، وسيكون النقد - عندئذ - أسعد ما يكون وهو يقدم للجمهور هذا المؤلف الكبير.