للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذلك وتوديعه لأهله وصعوده إلى السرير للموت فيموت فعلا! وغير ذلك. والمسرح (أفعال) لا (أقوال) فالحوادث وحدها هي التي ترهص وترشح إن جاز أن يكون في المسرح إرهاص أو ترشيح. .

وأراه - وذلك أمر ذو أهمية كبيرة للمؤلف - يجري على لسان شخصياته كلاما لا مواربة فيه يمس مقدسات الناس وعقائدهم الدينية، كلاما سافرا جدا قد يشك بعض الناس فيما يعتقدون به ويخضعون له. ولست أريد أن أردد هنا ولكنه مضطرب في كثير من صفحات الرواية وخصوصاً في الصفحات (١٣٥، ١٦٤، ١٦٩، ٢٠٢، ٢٠٣، ٢٠٤) والمسرح للناس جميعا وفيهم الساذج والضعيف الإيمان والحائر بين العقائد، فإن كانت إشارة لا معدى عنها إلى هذه الأمور فلتكن خفيفة خاطفة لا صريحة سافرة متكررة كما رأينا.

وأراه يسرف في بحث المشكلات الاجتماعية والدينية بحثاً جدلياً نظرياً كأنه محاضرات! فيبحث - فيما يبحث - مثلا الاشتراكية ونظام الطبقات ومعاهدات (عدم الاعتداء) والإيمان الأعمى والموت وما بعد الموت وسواها، وذلك تحميل لهذه المسرحية الكوميدية ما لا تحتمل! واعتقادي أن مرد ذلك القلق عند مؤلفنا الفاضل إلى (رباعيات الخيام) التي ترجمها والده الأديب الكبير المرحوم الأستاذ محمد السباعي وعاش مؤلفنا في جوها منذ كان طفلا فامتلأت بها نفسه وأخذ يرددها منثورة في مسرحيته!

وأراه ينطق الخدم وغيرهم بكلام قد يجرح حياء بعض من يرودون المسرح (كقوله تناكحوا تناسلوا)، وقوله (تبقى قيمة العيشة إيه لما الواحدة ما تعملش الحاجة اللي انخلقت علشانها؟) وقوله (أمد إيدي تحت القميص بس ما تبقيش تقولي شيل إيدك)! ومثل وصف صدر المرأة وبطنها قبل الزواج وبعده!

وأريد أن أسأل المؤلف: كيف ينتقل الحديث فجأة من حديث (الملوخية والكسبرة) إلى حديث زواج أم رتيبة ولا اتصال بينهما؟ وكيف يدخل الخدم ويخرجون هكذا دون داع ودون استئذان؟ وكيف يجرءون هكذا على العراك بالكلام وبالأيدي، وكيف يتغزلون بالغزل المكشوف أمام سادتهم؟ اللهم إلا إذا كان دخولهم لدفع ملل من حديث طويل أو لإحداث حركة في موقف خامد! وكيف تستفهم (أم رتيبة) هل مات (سيد أفندي) عندما شرب ماء اللفت وهو طفل مع أنه يسكن جوار منزلها وتراه كل يوم وتسمع عنه كل يوم وتأمل

<<  <  ج:
ص:  >  >>