للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجري في الرواية عددا من الألفاظ العربية الفصيحة مثل قوله (المصل الواقي)، (حاجة تبدد الإيمان)، (الدنيا سفر والآخرة غاية) وغيرها، فكيف أمكن أن تفهم هذه العبارات في الجو الشعبي الذي انحدر من (حوش آدم)؟ أنا لا أشير باستعمال اللغة الفصيحة العالية الجزلة على المسرح، ولكني أريد الحلقة المفقودة عندنا، أريد اللغة العربية اليسيرة السهلة التي لا يفصلها عن العامية إلا حاجز رقيق لطيف، واعتقادي أن الأستاذ يوسف السباعي - وقد بلغ في فهم اللغة العامية والروح الشعبي مبلغا بعيدا - يستطيع بشيء من الجهد والدأب والمشقة أن يجئ لنا بهذه الحلقة المفقودة.

والأستاذ يذكر لنا أن هذه المسرحية أول محاولة له في كتابة المسرحية، فإن كان الأمر كذلك، فإن الأمل المرقوب منه كثير. . . إن الموهبة مكتملة في المؤلف دون شك، وإنما تنقصه في معالجة (المسرح) أمور أرجو أن يتوفر على استكمالها، وأنا أهمس إليه ببعض ما في مسرحيتنا هذه من تلك الأمور، فإني أرى فيه بوارق وضاءة من أمل كبير.

أراه يوزع الحوادث والكلام على الفصول توزيعا غير عادل! وأنا أعلم أن الحوادث قد تقتضي المؤلف شيئاً من ذلك، ولكنني أعلم كذلك أن المؤلف القادر هو الذي يحكم هذه (الحوادث) ويطوعها لقلمه وتصرفه! فالفصل الأول كبير مزدحم، والفصل الأخير صغير متخاذل، والفصل الثاني بين بين!

وأراه يعني - أكثر ما يعني - بإيراد النكتة تلو النكتة، والأصل في المسرحية أنها (موضوع) والنكتة فيها ثانوية لا يجوز لها أن تغطي على الموضوع الأصلي الذي هو (مركز الاستشارة) كما يقول فقهاء المسرح.

وأراه يكثر من الحكايات الجانبية التي تقع في المسرحية كما تقع (الجملة المعترضة) في الكلام! والإكثار من هذه الحكايات - فوق أن فيه تعطيلا لحركة المسرحية - فهو يصرف المؤلف عن الاهتمام بالموضوع الأصلي الذي يجب أن يكون له المحل الأول دائماً، وقد أورد المؤلف من ذلك حكايات طويلة كحكايات (المعزتين) وحكاية (البنت هانم) صديقة الشيخ جاد وسواهما.

وأراه (يرشح) لبعض الحوادث بكلام سافر يدل عليها قبل وقوعها! مثل (إرهاص) أم رتيبة بقدوم الضيف فيقدم الضيف بعد إرهاصها ومثل إرهاص (سيد أفندي) بأنه سيموت وتوكيده

<<  <  ج:
ص:  >  >>