ما يؤدي إلى النشوة فهو خمر. ففي الطبيعة خمر، والشراب المعروف خمر يبعث أيضاً على النشوة.
سئل (بيشو) وهو فيلسوف من أتباع نالديني عن السبب الذي يدفع الناس إلى الشراب فأجاب: (وسعت رحمة الله كل شيء، وستتسع رحمته لمن يشربون قليلاً فيعفو عنهم. لقد خلقت أذرعنا - نحن الرجال - لنبذل أقصى ما وضع في عضلاتنا من خمر القوة؛ أما أذرعكن - أيها النساء - فقد خلقت لتقديم نبيذ العناق. إن كان في هذا العالم جوع يدفعنا إلى العمل والكدح فإن فيه أيضاً اخضرار الغابة ووهج الشمس المشرقة، وكلاهما يجعلنا ثملين إذا ما نادتنا أيام العطلة).
قالت محدثته:(أتسمي كل هذه الأشياء خمراً؟)
فأجاب بيشو: نعم خمر الحياة ينبوع من اللذة والنشوة لا ينضب ولا يفسد. اسمعي شكاني: جئت إلى هذا المكان مدفوعاً إلى العمل والسطو ليلاً على العالم السفلي. إن نصيبي الذي أستحقه من الخمر الطبيعية تلقاء عبوديتي للطبيعة قد حرمت منه، ولهذا أجد إنساني الباطن يشتهي الخمر الصناعية ليتخفف من تعب النهار).
وأحسب أننا وقد ارتفعنا إلى هذه الآفاق العليا من فلسفة الحياة، لا يعنينا كيف سارت المسرحية وكيف كانت خاتمة الملك، لأن الحياة دوامة عظيمة تبتلع فيها كل شيء، وتنقلب فيها الأشياء، فتعلو تارة، وتهبط تارة أخرى، وتفقد قيمتها، ويبتلعها هذا الغول الهائل الذي يسمى الزمان.