للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأقول وما زلت شارد الذهن:

- كلا. ولكن يخيل إلي أن هذا الاسم قد سمعته من قبل.

- هي من أبرع الرسامات اللاتي عشن في روما.

وكان هذا الإعجاب الذي يبديه صاحبي - وهو الذي يبخل دائماً بالمديح - جديراً بأن يثير انتباهي. ولكن شيئاً غريباً في تلك المرأة هو الذي جعل نظري يتعلق بها وهي تبحث هنا وهناك عن مائدة خالية.

كانت ترفع رأسها كأنها ملكة. ولكن وجهها كان هادئاً صاخباً حتى كأنها شاعرة. ولكن شعرها الغزير الذهبي يترسل ليلاً على كتفيها فيوحي إلى النفس معاني الهدوء واللطف والبساطة.

وقد وقفت آخر الأمر عند عمود مغطى بخشب الجوز القديم فاطمأنت وحدها إلى مائدة. ولم يتأخر عنها جيانينو بربع اللتر المعهود. وأما صاحبي فقد عاد يقول وهو يراني أطيل إليها النظر.

- ألا تجدها غريبة؟ إنها لأعظم امرأة عرفتها وإن لها لقصة.

ولم يجعلني ألح عليه في الرجاء كيما يقص علي ما كان يعلمه، فقد كان يحس من نفسه كل الرغبة. وقال:

(كانت فيرا تعمل كنموذج للفنانين قبل أن تتوفر بنفسها على الرسم. وكان ينبغي لك أن تراها في ذلك الحين، أعني قبل عشر سنين، فقد كانت رائعة الحسن. وكان جسمها الذي رأيته في أمسيات كثيرة، عارياً يشتعل تحت النور القوي في نادينا القديم في شارع مارجوتا، شيء يفتن العين والقلب. ولعل لا تلقى في كبار الفنانين في روما من لم يوحي إليه هذا الجسم بعمل يعتز به فوق اعتزازه بأي شيء آخر. حتى ليقال إن الأستاذ (ف) باع رسوماً رسمها لزوجته وبناته وهن عاريات أتم العري قد أبى أن يفرط في رسم لها ود الكثيرون شرائه بأغلى ثمن. وهو يقول أنه يريد أن يأخذه معه إلى القبر، لأنه كل ما ظفر به من دنياه.

(ولم يكن الأستاذ (ف) في ذلك الحين هو صاحب ذلك الرسم الكبير الذي يرتفع حتى يبلغ ثمانية أمتار ويزيد، بل كان واحداً منا نحن الذين كنا نتردد على النادي كل مساء لكيما

<<  <  ج:
ص:  >  >>