وعاد الفتى ذات ليلة، فوجد عشاءه ساخناً مهيئاً كما اعتاد أن يلقاه في كل يوم، ووجد معه رقعة صغيرة، تقول فيها أنها لن تعود.
وما فعله الفتى بعد ذلك تستطيع أن تدركه بالبداهة تزوج بطبيعة الحال من ابنة صاحب المطعم. ولكن الرجل الغليظ لم يكن يؤمن بشيء غير الحقائق البينة، فما زال بالرسام المسكين حتى أقنعه بالعدول عن الرسم وجعله يرضى بوظيفة صغيرة يأتيه منها مرتب ثابت، فاطمأن بذلك على مستقبل ابنته، أما فيرا. . .
ونظر كلانا إلى فيرا فإذا بها تنادي على جيانينو بإشارة هينة، وتدفع إليه ثمن النبيذ وحده، لأنها كانت مثلنا لم تذق طعاماً ثم تنهض.
ومرت بصاحبي فحيته بابتسامة عذبة، وخرجت وهي خفيفة كالنسمة.
وقال صاحبي:
إني لأعلم أين وجهتها. ستذهب في كعادتها في مثل هذه الساعة إلى مقهى صغير أمام قصر الدمغة فتجلس هناك قرب النافذة، لتختلس نظرة إلى فيراري عندما يخرج. وبعد ذلك تمضي إلى بيتها كدأبها كل في يوم لترسم لوحة أخرى من لوحات الزهر.
رسمها ما أعجبه! يجب عليك أن تراه، فما أكثر ما فيه من الشعور وما أكثر ما فيه من السحر! أنه شيء كالربيع.