للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حقوقهم كاملة طريق طويل، مملوء بالأشواك والمتاعب، ويتطلب الكثير من التكاتف والتساند والتضحيات؛ فوزارة المعارف ذات الوكلاء الأربعة، والمستشار الفني والسكرتير العام، لم تخجل من نفسها يوماً، فتتخير من أصحاب الثقافة العربية ولو واحداً، ليمثلهم في مناصب الوزارة العليا، رغم أن ثقافتهم غاية وغيرها وسيلة، وأن عددهم يربو على نصف الموظفين، وفيهم قدامى قاربوا الستين، ونبغاء يحملون أرقى الشهادات، إن لم تزد على ما يحمل وكلاؤها فلا تقل عنهم بحال!

حتى إذا رفعت مصر رأسها بعد ركوع طويل، ظن أصحاب الحق الهضيم في وزاره المعارف، أن المظالم سترد إلى أهلها، وإذ هم يلوحون بحقوقهم في حياء الأبي ومظهر المتواضع، حتى لا يثيروا ضجيجاً ويحدثوا فرقة، إذا بالخناجر تغمد في ظهورهم بلا أسباب ولا مقدمات، وممن؟. . . من أشقائهم الأزهريين، من شباب العربية الذين يمهدون لهم المستقبل ويعبدون لهم الطريق!

أجل!. . . آلاف الشكاوى ترسل إلى شتى الجهات تستبيح أعراضهم، وتطعنهم في أعمالهم، وتنهش ذممهم، وترميهم بكل نقيصة ومذمة، ولا هدف لها إلا النيل من هؤلاء الأبرياء، وكان سواد هذه الشكاوي كذباً وتضليلاً وافتراء، وهدفها (إذا لم تستطع هدم الحائط القوي، فلا بأس من تلطيخه بالأوحال)!. . . وكانت حملة غير شريفة ولا طبيعية، وكان التوافق في الشكوى بين من يقيمون في أسوان ومن يستوطنون الإسكندرية ومن ينزلون القاهرة، يوحي بأن يداً أثيمة تريد أن تصطاد في الماء العكر، وأن تكيد لحماة اللغة العربية، ليخلو لهم الطريق!

وأشهد أن فجيعة هؤلاء المفتشين كانت بالغة، كان أشبه بأب فقد وحيده، بعد أن تقدمت به السن وأدبر عنه الشباب. لقد زرعوا ليحصد غيرهم، وغرسوا ليجني سواهم، وهم الساعة يتحسسون كلمة شكر على ما حملوا من رسالة، وأدوا من أمانة، فلا يجدون. لقد كانوا من أنصار العدل المطلق دواماً، وكان ذلك يدفعهم إلى الدقة في التقدير، والقسوة على المهمل، لأنهم أصحاب رسالة أولاً، ولأنهم يطالبون بحقوق لهم ولأندادهم مغصوبة ثانياً، وليس أقوى لك، ولا أسند لظهرك، حين تطالب بحقك من أداء واجبك كاملاً!

ثم تطور الأمر إلى حملة تشهير أخرى، فجاوز نطاق الشكاوى المعلومة والمجهولة إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>