للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي مساء هذا اليوم بعينه ذهبت إلى الكازينو مرتدياً أجمل أثوابي وقد أبنت للملأ أني جئت أجازف بآخر ما بقي لي. . . وأني سأموت هماً وغماً إن لم أربح.

وطارت المائة فرنك. . . فبدأ علي الانزعاج في بادئ الأمر. . . ثم انقلبت أتأمل غاضباً حنقاً. . . وأخيراً بدوت كالذاهل المأخوذ.

ورثى لحالي شاب قامت بيني وبينه معرفة، وسألني ما الخبر فأنبأته بنبرات حزينة يائسة أني أفلست، فأخذ يواسيني ويخفف عني ثم قال:

- لا تيئس فما زلت تملك نفقات السفر إلى وطنك، إن الكازينو - في هذه الحال - يتطوع. . . فقاطعته بيأس قائلاً:

- إن السفر الذي أزمعه لا يحتاج إلى (تذكرة) فنظر إلي مشدوهاً وقال:

- لا أحسبك جاداً في هذا القول. . . آمل ألا تكون قد جننت.

فظللت صامتاً، ثم أدرت له ظهري ورحت أجيل بصري ذاهلاً في أرجاء المكان بضع دقائق. . . وقد لمحت أصحاب (الكازينو) يراقبونني من طرف خفي، وانفرط عقد اللاعبين في الساعة الحادية عشرة، فقفوت أثر الخارجين بوجه يحمل علائم الذهول واليأس والتفكير.

وكانت الليلة رائعة جميلة والقمر بدراً يلقي بأشعته الفضية الناعمة على الأرض الشجراء والبحر الأزرق الساكن. وبلغ سمعي أصوات كمان حنون ينوح نوح عاشقة يائسة وجعلت وجهتي - وقد أجمعت أمري - حرشاً قريباً من الكازينو، بقعة هادئة تعد بحق أصلح مكان لتمثيل الدور الذي أزمعته؛ وكان ثمة تمثال من الرخام لغانية من غواني البحر بدا كأنه يبتسم وأنا أوشك أن أقوم بدوري.

ودوت فجأة طلقتان ناريتان، وسقطت على أحد المقاعد في وضع مهمل وانتظرت. واقتربت مني أصوات وسقطت على عيني المسبلتين ظلال المقبلين.

- يا إلهي!. إنه هو. . .

- يا للمسكين! لقد قضى على نفسه برصاصتين معاً وسمعت بعد ذلك أحد أصحاب الكازينو يقول:

- هلم. . . أسرع قبل أن يرانا أحد. تباً له من شيطان! أما وجد غير هذا المكان!

<<  <  ج:
ص:  >  >>