للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم انحنى فوقي فشعرت كأنما اندس شيء في جيبي، هنالك ارتعدت قليلاً. . . وتأوهت مرتين، ثم فتحت عيني ببطء شديد، ونهضت من مضجعي بعناية وحرص ناظراً في تسائل وعجب إلى الجمع الحاشد ولي. وفي عدم اكتراث أخذت قبعتي والمسدس الذي كان ما يزال يلفظ الدخان من فوهته وانتصبت واقفاً.

وكان المحتشدون ينظرون إلي كأنني حيوان غريب الخلقة وقد امتزجت نظراتهم بالعجب والاستفهام. . . وقلت في غضب:

- عجباً لكم يا قوم! ألا يستطيع المرء قتل نفسه بعيداً عن فضول الناس؟ لم نسمع بمثل هذا والله.

واقترب مني أحد أصحاب الكازينو ينتفض من شدة الغضب وقال في تلعثم واضطراب:

- سيدي الفاضل. . . أرجو. . . هل. . . إذا. . . ماذا تقصد بهذه المهزلة؟ سأقودك إلى البوليس لتعكيرك الأمن.

- لتعكيري الأمن؟ قول ظريف سيغدو ولا مراء حديث الموسم.

قلت ذلك ثم أوليت المجمع ظهري واتخذت سبيلي ضاحكاً من هؤلاء الناس الذين اجتمعوا بدافع الفضول وحب الاستطلاع.

وعدت إلى الفندق فسددت ديوني من الآلاف الثلاثة التي أخذتها مقابل قيامي بدور الانتحار. وقد بذلت إدارة الكازينو أقصى الجهود لاستعادة المال؛ ولكني لم أكن قط قد فكرت في إعادته، إذ اعتبرت أن هذا المال من حقي، وأيقنت فضلاً عن ذلك أن ثلاثة آلاف فرنك لا تبدو ثمناً كبيراً لانتحاري.

وقد عمدت إلى إغاظتهم ببقائي في سان رومانو بضعة أيام أخر أعيش عيشة الترف والبذخ ثم رحلت بعدها إلى باريس. . . وقد سمعت أن المبلغ الذي دس في جيبي قد رد إلى الكازينو أضعافاً مضاعفة.

محمد عبد الفتاح محمد

<<  <  ج:
ص:  >  >>