يظفر وجه بإعجاب (الكاميرا) فتسجله رائعاً يسحر الأعين. . . ولقد تغضب (الكاميرا) على وجه، فلا تبدو فيه وسامة ولا فتون. ومن أعجب العجب أن تسيطر على هذا هذا المنح والحرمان آلة صماء!
والعيب في ذلك أنه يحد من المواهب الفنية التي تتوافر لوجوه لا توهب منحة (الفوتوجنيك) وإن كانت هذه الوجوه في حقيقتها وافية الملاحة والجمال؛ موفورة الحظ من حسن التقويم.
والرد على هذا عند من ينتصر (للسينما) أن العصر الحاضر يركن إلى المخترعات الدقيقة الحساسة يستجلى بها الدقائق. . . وفي مجالات العلوم والفنون والآداب تتخذ آلات خاصة للكشف عن الحقائق المستورة التي لا تنالها الأعين ولا تدركها الإفهام. وقد بات واضحاً أن هذه الحواس الخمس المعرفة لم تعد كافية في استجلاءه الأشياء، والحكم على جوهرها الأصيل، وما الجمال إلا حقيقة من حقائق الحياة الكبرى، فلا ضير علينا إن استعنا بالآلات البصيرة الكاشفة لاكتناه أسرار الجمال. ولعل هذه (الكاميرا) أنفذ بصراً بما يكمن من المفاتن، وما يدق من القسمات، فهي تكشف لنا عنها، وتقرب منالها من العيون.
ومهما يكن من قول يساق لنصرة (السينما) أو للدفاع عن المسرح، فلا أثر لذلك كله في حكم الزمن وطابع العصر. فما أشبه أحكام الأزمنة وطوابع العصور بأقدار تجرى، لا يملك ردها أحد!
ومما لا مرية فيه أن (السينما) ماضية في طريقها، تحمل راية عصر الآلة الذي نعيش فيه، ولا منجاة لنا منه بشقشقة الألسن ومنطق العقول.
فإذا شاء عشاق المسرح، الأوفياء لعهده، أن يخدموه وأن يطيلوا من عمره، وأن يفسحوا له الميدان الفني يؤدى فيه رسالته، فلا سبيل لهم إلا أن ينأوا بالمسرح قدر ما يستطيعون عن المجال الحيوي (للسينما)، حتى لا ينافسها في نطاق عملها الذي تؤديه في قوة وجبروت. وكلما عملنا على أن نجعل لكل فن مجالاً خاصاً به، وأمضينا كل فن في طريقه؛ كان لنا أن نأمن مغبة التنازع والاضطراب.
وقد نشأت (السينما) في عهدها الأول صامتة، فتركت للمسرح روعة الحوار، وأنس الحديث، واختصت بسرعة الحركة والإشارة، والوفاء بالمشاهد وبالمناظر، فكان (للسينما)