على إن أنصار (السينما) يرون ذلك حجة على المسرح لا حجة له، إذ أن العبرة في أداء العمل الفني بإجادته وبلوغ أعلى درجاته. والممثل الذي لا يتقيد في أداء دوره كلما أعاد تمثيله هو الممثل الذي يعلو مرة ويهبط أخرى، والمتفرجون في هذا هم المظلومون، إذ تتفاوت حظوظهم في مشاهدة الرواية الواحدة للمثل الواحد. فمنهم من يرى الممثل في الذروة، ومنهم من يراه في الحضيض. فأما في (السينما) فالمتفرجون جميعاً يرون الممثل دائماً في درجة إتقانه القصوى، تلك الدرجة التي سجلتها له (الكاميرا) وهو في أحسن حالاته. ومثل هذا يقال في الغناء، فإن المغني يظل يمارس تجاربه حتى يستوفي، ثم يسجل صوته وهو في أوج اكتماله وازدهاره.
وفي مناسبة هذا الحديث عن الغناء يقول المعترضون على (السينما) إنها لا تنقل إليك صوت المغني على طبيعته وإنما تنقل إليك صوتاً آخر يقرب أو يبعد عن ذلك الصوت الطبيعي، فإذا سمعت المغني عينه، وسمعت صوته مسجلاً من بعد، أدركت الفرق واضحاً كل الوضوح، وربما كان ذلك الصوت المسجل خيراً من الصوت على طبيعته، ولكنه على أية حال تزييف وتبديل.
والذين ينتصرون (للسينما) يجيبون عن هذا بأن الأمر لا يعدو إحدى اثنتين، فإما أن يكون العيب عيب الآلات التي لم تبلغ حد الكمال حتى اليوم في نقل الأصوات ولا ريب أنها بالغته بفضل ما يجري فيها من تحسين وإتقان حتى تؤدي كل صوت على حقيقته. وإما أن هذا التغيير الذي نلحظه في نقل الأصوات تغيير مقصود، يراد به معالجة ما عسى أن يكون في صوت المغني من قصور. فالآلة السينمائية تهدف إلى أن تقدم الأصوات قوية صافية مصقولة، فهي تحتفظ بجوهر الصوت، ولكنها تعالج ضعفه، حتى تصل به إلى الغاية الفنية الموجودة.
وإذا كان الفن الرفيع هو الفن الصادق في نقل الحياة فلا ينال من رفعة الفن أن يعمل على تجميل ما ينقله من ظواهر الحياة، ووفقاً لهذا نبتت فكرة المناظر السينمائية الملونة، فذلك تجميل للمناظر الطبيعية يكفل الخلابة وحسن التأثير.
ومما يعاب على (السينما) ما يسمى (الفوتوجنيك) أي القابلية للتصوير السينمائي، فلقد