همة، ولم يهن له عزم، ولم تتزعزع له عقيدة، ويكافح الحكم الإقطاعي القائم على استغلال الحكم، كمورد للثروة، ومصنع للجاه، ومرتع قذر للرشوة والمحسوبية، ويكافح ضعف الشعوب المغلوبة على أمرها، حتى تعرف قدر نفسها، وتؤمن بحقها على الحكومات الإقطاعية المسلطة عليها، لتذيقها ألواناً من العنت والتعسف والإرهاق!
وظل (حسن البنا) زهاء عشرين عاما، يكافح من أجل الشباب حتى انتشله من حضيض التدهور والتفكك والانحلال، وخلصه من مواخير العربدة والاستهتار والمجون، وغذاه بالمثل العليا والمعاني الحية، وصبه في بواتق من الشرف والإباء والطموح، وأعده إعدادا كاملا للكفاح من أجل الإسلام القابع في زوايا الإهمال، وأوطانه الرازحة تحت أعباء الاستعمار والاحتلال، وتجلت قيمة هذا الشاب فوق تربة فلسطين الذبيحة، وأرض القنال يوم معركة القنال. . .
كانت كلمة (حسن البنا) شبحا هو مصدر قلق للديمقراطية الفاجرة في إنجلترا وفرنسا وبلاد العم سام، ومصدر قلق للشيوعية المضللة في الصين الشيوعية وروسيا الحمراء، كما كانت مصدر فزع للعروش الاستبدادية، ولذا كانت المؤامرة على دعوة الشهيد الأعزل ثلاثية، الديمقراطية بالإيعاز والإيحاء، والشيوعية بالدس والوقيعة، والدكتاتورية الممثلة في العروش الطاغية بتنفيذ المؤامرة، مستعينة بالحكومات الهزيلة التي لم تكن تملك من أمرها شيئا، ولم نكن نستطيع أن نكون في حكمها أكثر من أداة مسخرة حمقاء!
ولقد قامت مصر بدور البطل في المؤامرة على الدعوة الإسلامية ولم يكفها أنها بدأت بالضربة الأولى، بل إنها أخذت على عاتقها أن تريح الاستعمار الممثل في الديمقراطية الفاجرة، والفوضى الممثلة في الشيوعية المضللة، والديكتاتورية الممثلة في العروش المستبدة - أخذت على عاتقها أن تريح هؤلاء جميعا من (حسن البنا) ولتقدم بعدئذ رأسه قربانا للصبي العربيد (فاروق) في عيد ميلاده، ولتضيع دماء (حسن البنا) الشهيد الأعزل هدرا، في غوغاء الاحتفالات، وضوضاء المهرجانات، وزحمة السرادقات التي كانت تملأ شوارع القاهرة، حفاوة بعيد ميلاد الجالس على العرش، الصبي المدلل، والمعتوه المقدس، والملك الخليع الذي ورث عرش مصر عن رع وأمون!
وبينما كانت المارة تسمع أزيز دماء الشهيد وهي تنزف في شارع الملكة، كانت الشياطين