لقد قتل (الشهيد الأعزل) غيلة وغدرا، وظن الصبي الفاجر أن ملكه أقوى وأعز وأمنع من أن تتسرب إليه الشبهات، ولم يكن يدري أن البقية من الشبيبة المؤمنة خارج القضبان، كانت تعد منشورات بعد ساعات من استشهاد الشهيد الأعزل، جاء فيها (لقد قتل حسن البنا، وعرف القاتل، ولكن يدا خبيثة تحميه، ويد الله أقوى منها، ستصل إليه وترديه والله أكبر ولله الحمد)، وظن القتلة السفاكون أنهم سيظلون في حصن منيع، وفي أمن من قبضة القضاء، وأيقنا نحن بأن عين الله لم تنم، وعدالة السماء لم تغفل، والقصاص آت لا ريب فيه. .
ومرت سنون أربع، فإذا الملك المخلوع يحتفل بعيد ميلاده في منفاه على موائد الميسر والخمر، وبين أحضان العابثات والساقطات، وإذا مصر تحتفل بعيد التحرير من سلطان فاجر أبى إلا أن يتربع على عرش من العربدة والفسق والفجور، وحوله شرذمة من الأفاقين، وإذا بالسفاكين المجرمين في قبضة العدالة، وفي انتظار القصاص العادل، الذي ادخرته السماء لمصر حتى تطمئن أرضها، وإذا بالدعوة الإسلامية بخير تؤدي رسالتها، وتقطع منهاجها الذي رسمته لنفسها، وإذا بالقلوب المسلمة في مصر والشرق، لا تكاد تذمر مأساة الملك مخلوع، حتى تذكر دماء الشهيد الأعزل (حسن البنا) الذي خر صريع البغي في سبيل الحق، فلم تنصفه الأرض، وأنصفته السماء. .!
إن استشهاد (حسن البنا) سيظل خالدا إلى أن تقع السماء على الأرض، ورمزا للفكرة الإسلامية التي أخذت على عاتقها أن تحرر الإسلام من الشوائب، وأن تحرر وطنه من جراثيم الاحتلال والاستعمار، ولئن كان من الممكن للتاريخ أن يجور ويظلم، ويتصنع التهاون والإهمال، فلن يقوى بحال من الأحوال أن يجور أو يظلم ذكرى الشهيد الأعزل، أو يتصنع الإهمال والتهاون فيها، لأن ذكر حسن البنا قد سجلت لنفسها الخلود، ونقشت في القلوب، وامتزجت بالعقائد. .!