وكنا نواجه هذه الحال بالتعفف والتقشف والصبر فتنساغ مرارتها أو تخف، فلما شاءت الضرائب ألا تعقل، وأرادت الحكومة ألا تعلن، وقررت المعارف ألا تشترك، أخذت الخسارة تنمو وتطرد حتى بلغت في العام المنصرم ألفاً ومائة وعشرين جنيهاً، فرأينا في مطلع هذا العام أن تقوى الرسالة لتصمد، وأن نعيد (الرواية) لتساعد، فإذا بالخسارة تتسع، وبالطاقة تضيق، وبالأزمة تشتد، وبالأمل يضعف؛ فلم نجد بداً من الإذعان لمشيئة القدر!
لقد قلنا يوم بلغت الرسالة عددها الألف أو عامها العشرين:(إنا نطمع في فضل الله أن تزيد الرسالة قوة في عهد مصر الجديد، وما تسأل الرسالة العون إلا من الله، فقد عودها جل شأنه ألا تفزع إلا إليه فيما يحزب من أمر وفيما ينوب من مكروه، ولعل السر في بقائها إلى اليوم على ضعف وسيلتها وقلة حيلتها، أنها عفت عن المال الحرام فلا تجد لها اسماً في (المصروفات السرية)، ولا فعلاً في المهاترات الحزبية، ولا حرفاً من الإعلانات اليهودية.
وإذا لم يكن للفضيلة رواج في عهد غرق فيه (القصر) في الفحش والمنكر والبغي والاغتصاب والاستبداد والقتل، وارتطمت فيه (الحكومة) في الاختلاس والغش والخيانة والرشوة والمحاباة والختل، فإنا لنرجوا أن يكون لها من السيادة والفوز نصيب، في عهد يتولى الأمر فيه بإذن الله محمد نجيب).
ولكن القضاء غالب، والرجاء في الله أولى، ولكل أجل كتاب، ولكل سافرة حجاب، ولكل بداية نهاية!