للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المسألة وترك أطرافها، فقال بأن الخليفة تثبت خلافته بانتخاب النفر من أهل الحل والعقد - أخذاً من انتخاب أهل السقيفة أبا بكر، أو بالعهد استناداً على عهد أبي بكر لعمر، فإن أبا بكر ما صار خليفة إلا بالبيعة العامة، ولو خالف عليه أهل قطر من الأقطار لما كان لهم (على الحقيقة) بخليفة - إلا أن يكونوا خارجين على إرادة لأكثر فيعاملوا معاملة الخارجين، وإن عمر لم يستخلف بعهد أبي بكر بل بالبيعة؛ وخلاصة ما جاء في بيعته من النصوص - هو ما جمع في كتابي (أبو بكر الصديق) الذي طبع في دمشق من نحو ثماني عشرة سنة.

وفيه أنه لما ثقل أبو بكر واستبان له من نفسه جمع الناس إليه، فقال:

- إنه قد نزل بي ما ترون وما أظنني إلا ميتاً، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي، وحل عنكم عقدتي، ورد عليكم أمركم، فأمروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمرتم في حياة مني، كان أجدر ألا تختلفوا بعدي.

فقاموا في ذلك، فلم يستقم لهم أمر، فرجعوا إليه، فقالوا:

- رأينا يا خليفة رسول الله رأيك.

- قال: فأمهلوني حتى أنظر لله ولدينه ولعباده ثم أنه دعا بعد ذلك عبد الرحمن بن عوف - فقال له: أخبرني عن عمر بن الخطاب.

- قال له: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني.

- قال: وإن!

- قال: هو والله أفضل من رأيك فيه.

ثم دعا عثمان، فقال له مثل ذلك، فقال:

- علمي به أن سريرته خير من علانيته، وليس فينا مثله.

ثم شاور سعيد بن زيد وأسيد بن الحضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار - فقال أسيد:

- اللهم، اعلم الخيرة بعدك، ويرضى للرضا، ويسخط للسخط، والذي يسر خير من الذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه.

عند ذلك كتب العهد المعروف وخرج به عثمان على الناس مختوماً، وأشرف أبو بكر من كوته على المسجد (وقد كان هو البرلمان الإسلامي)، فقال:

<<  <  ج:
ص:  >  >>