وطبيعة الإسلام تنافي هذا الحديث إلا يكون المراد منه غير عموم لفظه، فالقيم في الإسلام معنوية، ولا عبرة بالأنساب أبداً، والشريف هو الشريف بعمله لا بنسب إلى الرسول، وهو على الغالب نسب ملفق مكذوب كأكثر أنساب (الأشراف. . .) اليوم، والنبي يقول لبنته فاطمة سيدة النساء: يا فاطمة بنت محمد، لا أغنى عنك من الله شيئاً.
وهذا الحديث إن صح، يدل على أن القرشية تكون من أسباب الترجيح، إن استوى مرشحان للخلافة في خلال الخير كلها وكان أحدهما من قريش.
وإلا فأين قريش اليوم؟ وأين غير قريش من قبائل العرب؟ لقد تغيرت الدنيا، وتبدل الزمان، وشريعة الرسول لكل زمان ومكان، ولو أن الرسول قال هذا الحديث حقاً، وبعث اليوم من رووه عنه لما فهموا منه ما يفهمه اليوم من يفكر بعقول فقهاء الظاهرية، وهم أضيق الفقهاء فكراً، وأقربهم نظراً، وأبعدهم عن درك مقاصد الشريعة إلا ابن حزم، وما كان ظاهرياً مثلهم وإن تفقه بكتبهم.
فإذا نحن لم نقبل أن تكون الخلافة قاصرة على قريش وهم سرة الأرض، وأسرة النبي، وسدنة البيت الحرام، أفنقبل أن يكون الملك مقصوراً على قريش الأناؤوط، وأسرة فاروق، وأهل قولة؟
حسبكم من فضائل هذه الأسرة، أنها سرقت الأرض، وانتهكت العرض، وأضاعت الدين، وأفسدت الخلق، وأذلت الرقاب!
حسبكم إسماعيل وتوفيق وفاروق، لا تجلبوا لأنفسكم فاروقاً جديداً، كلهم فواريق!
يا أهل مصر، هذا هو الطريق، فاسلكوه. يا أهل مصر لا تترددوا، ليس بينكم وبين الغاية إلا خطوة واحدة!