للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد عاد إلى الوطن سنة ١٩٠٠ بعد أن فقد نور عينيه في منفاه، فاستقبل مصر بقصيدته التي مطلعها:

أبابل مرأى العين أم هذه مصر ... فإني أرى فيها عيوناً هي السحر

فإن يك موسى أبطل السحر مرة ... فذلك عصر المعجزات وذا عصر

إلى أن قال:

وإني امرؤ تأبى لي الضيم صولة ... مواقعها في كل معترك حمر

أبى على الحدثان لا يستفزني ... عظيم ولا يأوي إلى سباحتي ذعر

عبرة الحوادث

ومن قصيدة له قالها بعد عودته من المنفى تفيض توجعاً لحالة البلاد بعد أن جثم الاحتلال على صدرها. وقد تذكر عندما مر بقصر الجزيرة أيام إسماعيل حين كان في أوج سلطانه. وما انتهى إليه أمره من خلع وخسران وتذكر أخطاءه التي كان لها أثرها في التمهيد للاحتلال. فلم يترجم على عهده. ونظم هذه القصيدة معتبراً ومذكراً وهي من آيات الشعر في العظة والاعتبار. قال:

هل بالحمى عن سرير الملك من ينزع ... هيهات قد ذهب المتبوع والتبع!

هذي (الجزيرة) فانظر هل ترى أحداً ... ينأى به الخوف أو يدنو به الطمع

أضحت خلاء وكانت قبل منزلة ... للملك منها لوفد العز مرتبع

فلا مجيب يرد القول عن نبأ ... ولا سميع إذا ناديت يستمع

كانت منازل أملاك إذا صدعوا ... بالأمر كادت قلوب الناس تنصدع

عاثوا بها حقبة حتى إذا نهضت ... طير الحوادث من أوكارها وقعوا

لو أنهم علموا مقدار ما فغرت ... يد الحوادث ما شادوا ولا رفعوا

دارت عليهم رحى الأيام فإنشعبوا ... أيدي سبا وتخلت عنهم الشيع

كانت لهم عصب يستدفعون بها ... كيد العدو فما ضروا ولا نفعوا

أين المعاقل بل أين الجحافل بل ... أين المناصل والخطية الشرع؟

لا شيء يدفع كيد الدهر إن عصفت ... أحداثه أو بقي من شر ما يقع

<<  <  ج:
ص:  >  >>