ومن هنا اتهموا أتباع الطرق الصوفية بالكفر في حين أن الطرق الصوفية كان لها فضل كبير على المسلمين في الحروب الصليبية وفي حروب المغول وفي وقعة عين جالوت بالذات، فإن العز بن عبد السلام الذي نفر المصريين للقتال لم يكن إلا شيخ طريقة. على أن هؤلاء معذورون فيما يرون؛ فعندهم أن أتباع الطرق الصوفية إن هم إلا حواة يروضون الثعابين ويأكلون الحديد ويلعبون بالنار، وغاب عنهم أن سوء استعمال الشيء ليس دليلاً على فساده، وإنما الفساد أن يرمي المؤمن البريء بالكفر، وأن يكون راميه على غير حجة أو بينة.
ونخلص من هذا الحديث إلى أن الإسلام ليس ديناً ودولة فحسب، كما يحلو لطائفة من جلة المؤمنين أن يقولوا، وإنما هو دين ودنيا، وعلم وفن، بل هو مرادف للحياة في ذاتها، الحياة في هذه الدار، وفي تلك الدار، وإن المتزمتين المتنطعين الذين يفهمون الإسلام على أنه تعاليم كتبها فقهاء طوتهم الأجيال، هؤلاء لم يعد لهم مكان في دنيا الإسلام، ولا في دولة الإسلام، ولا في دين الإسلام.