الإبراهيمي. . . وأخذ يتلو هذه القصيدة العامرة التي كان الأستاذ محمود غنيم قد أنشأها في عدد من أعداد الهجرة الممتازة التي كانت تصدرها (الرسالة) في مستهل العام الهجري من كل سنة، والتي نرجو ألا تحرمنا منها.
وكنا نستمع إلى الشاب الأعجمي العربي وهو يتلو هذا الشعر في لكنة خفيفة، وقد بدت تلك المعاني أكثر جلالاً، فكانت تهز النفس هزاً، وتبعث ذلك الإحساس القهار حينما نرى شاباً حدثاً من السنغال على بعد الشقة يحفظ هذا الشعر ويتلوه ويترنم به. .
ولقد علق السيد البشير الإبراهيمي على ذلك بقوله: إنني قرأت هذه القصيدة عندما نشرت لأول مرة، وقرأتها مرة أخرى هذا الأسبوع في ديوان الشاعر. . ولكني لم أهتز لها كما استمعت إليها الليلة من هذا الشاب العربي الأعجمي.
ومما يذكر في هذا المجال أن هؤلاء الشباب كانوا قد أفادوا في بدء تعلمهم اللغة العربية من قصص الأطفال التي كتبها الأستاذ كامل الكيلاني، ولذلك كانوا غاية في السرور عندما صادفتهم بالقاهرة واجهة دار مكتبة الأطفال ودار الرسالة، فقد صفقوا طويلاً عند كل واحدة، وهتفوا وهم يعجبون فيما بينهم كيف تحقق حلمهم البعيد وعاشوا لحظة في هذه الأماكن التي تلقوا عنها في أواسط أفريقيا لغة الضاد.
ولذلك رأيت أن أسجل هذه القصة وأن أبعث بها إلى صاحب الرسالة تحية مجددة لفضل الرسالة على شباب العروبة، هذا الفضل الذي يمتد إلى كل مكان.
أنور الجندي
إلى أخي الأستاذ سيد قطب
قلت في كلمتك القيمة (وكل كلامك قيم) في العدد ١٠٢٢ من الرسالة، أن عدالة السماء لا تمنع القاضي الذي (يصدر الحكم ثم تبين له خطؤه أن ينقض حكمه بنفسه) والذي أعرفه أن القاضي في الإسلام ليس له أن ينقض حكماً أبرمه، لأن مضرة اضطراب الأحكام، وتعرضها أبداً للنقض بعد الإبرام، أكبر في نظر الشرع والعقل من مضرة الخطأ في حكم واحد، والقاعدة أنه إن لم يكن بد من أحد الضررين يرتكب أخفهما وإلا لم تبق للقضاء قيمة، ولا للأحكام ثبات، وعمر لما تبدل اجتهاده، لم ينقض ما كان أبرمه، بل حكم بغير ما