رأيه في آثار صاحبه وفيما تخلل حياته من قوة أو ضعف، فليبتعد عن التحيز إن أراد الكمال
وبعد، فماذا رأيت في كتاب الأستاذ ميخائيل عن صاحبه المرحوم جبران خليل جبران؟. مضيت في قراءته فاذا بالمؤلف يسير فيه على نهج غريب، حتى لقد كنت أحسبني في القيم الاول حيال قصة لا حيال شخص معروف، فلقد أحاطني المؤلف بجو من الخيال تحت عنوان خيالات بشرى، وراح يصف لحظة مولد جبران، وما كان من أعمال أبيه وأقوال أمه وأقوال الجيران في تفاصيل تغيب حتى على من يرى رأى العين، ثم يطير بي إلى مدينة كولومبيا بأمريكا، فيصف لي فتاة تحلم في نومها، ويصف حلمها كأنه هو الحالم! ثم يعود الى بشري فيعرض لي بعض صور من طفولة جبران ومن حياة أسرته، ولكن عليها جميعاً ابع الخيال، فتفاصيلها لايمكن أن يلم بها إلا شخص يتحدث عن تفسه، على أن يكون قوي الذاكرة الى أقصى حد؛ ومن أمثلة ذلك وصف والدة جبران (ص٢٠) وحكاية بائع الزيت (ص٢٣). وما لي أورد الامثلة، وهذا القسم الاول من حياة جبران قبل أن يعرفه المؤلف عبارة عن قصة خيالية؟ ولقد كان المؤلف وهو يصف حياة جبران وهو بوسطن، يتقل اليك نتاجيه وخلجات حسه، ونزعات قلبه، وانفعالات نفسه، كمن يكتب مذكرات لساعتها عن نفسه. خذ لك مثلاً حواره مع أبيه (ص٣٢)، وزيارته للفنان (ص٣٣)، وخلوته مع المرأة التي دعته إلى منزلها (ص٤٠)، ومناجاة نفسه (ص٤٧)، وهو يكتب مقالاً ويصححه (٦٢)، وأثناء عرضه صوره وعلاقته بماري الفتاة الحالمة في أول الكتاب وهي الآن مديرة مدرسة، وعلاقته بميشيلين، وغير ذلك من عزلاته وهواهسه. . . الخ
وما أظن أن عرض هذا الجزء من حياة جبران على مثل تلك
الصورة الخالية، وما فيها من براعة ومن وراء، متفق مع ما
يتبع في كتابه التراجم أو باعث في القلب ما تبعه الحوداث
التي يدعمها الأسناد والرواية، وتطلبها الحقيقة من الأهتمام
والعناية. هذا إلى أن المؤلف في تلك الفترة من حياة جبران لم